02 سبتمبر 2024
الروائي الذي نقعوه في فرع أمن الدولة
قال أبو الجود مخاطباً إيانا نحن الموجودين في جلسة "الإمتاع والمؤانسة"، التي انعقدت في مدينة الريحانية التركية (صيف 2012)، إن الأستاذين كمال وخطيب أعطيا الشاعر المخبر فلاناً الفلاني الكثير من الأهمية إذ رَوَيَا عنه، خلال هذه الجلسة وغيرها، حكايات كثيرة.. فهل هو يستحق هذا كله؟
قال كمال: يبدو الأمر، يا عزيزي أبو الجود، ظاهرياً، أننا نتحدث عن هذا الشاعر التافه فلان الفلاني ونعطيه الأهمية التي لا يستحقها بالتأكيد. أنا أريد أن أسال العم أبا محمد، بوصفه تاجرَ مَوَاشٍ، عن الإجراءات التي يتبعها التجّار بالدوابّ قبل أن يأخذوها إلى بازار الخميس في بلدة معرتمصرين لبيعها.
استوى أبو محمد جالساً وقال: نأخذ الدابّة إلى مستنقع (الرام)، ونغسل جسمها بالماء، وننظفها بالفرشاة مع قليل من الصابون السائل، ثم ننشفها، ونأخذها إلى البراري لترعى العشب الطازج، وفي الليل نعلفها بكمية وافرة من التبن والشعير، لتكون في الصباح قد بلغت أوج الشبع والنظافة والنضارة، وهذا يغري الزبون في البازار، صباح اليوم التالي، فما إن يراها حتى يندفع لشرائها. ولكنني، بصراحة يا أستاذ كمال، لم أفهم سبب هذا السؤال عن بيع الدوابّ في هذه الجلسة.
قال كمال: لا شيء، وإنما أردت المقارنة، فلو أننا بقينا شهراً مؤلفاً من ثلاثين نهاراً بلياليه ونحن ننظف الشاعر المخبر "فلاناً الفلاني"، ونعلفه بالتبن والشعير ونطعمه ما لذّ وطاب من قشور البطيخ والتين اليابس (القَرُو)، ثم أنزلناه إلى البازار، وعرضناه للبيع، لما وضع له أي من الزبائن سعراً أكثر من ربع ليرة سورية! ومع ذلك تَرَبَّعَ هذا الرجل على سدة القرار الثقافي والأدبي (والأمني) في محافظة إدلب أكثر من ربع قرن، والسبب أن نظام حافظ الأسد الأمني الإجرامي يعمل، على نحو ممنهج وحثيث، على تكسير مجاذيف الشخصيات المهمة، ورَفْع شأن الشخصيات التافهة الوضيعة من أمثال فلان الفلاني.. يعني نحن نتحدث عن شخص تافه جداً، ولكننا، في الحقيقة، نتحدث عن بنية نظام الأسدين الذي خرب سورية وجعل عاليها سافلها.
قلت: أنا موافق على ما قاله الأستاذ كمال، وأبصم له بالأنامل العشر، فهذا الرجل التافه "فلان" استطاع أن يجرجرنا للتحقيق في فروع الأمن المختلفة، أكثر من مرة، وبعضُنا لم تكتفِ فروع الأمن المحلية باستدعائه، فحوّلوه إلى فرع التحقيق في العاصمة. هل تعرفون الروائي (ميم) الذي يعيش في قريته البعيدة نائياً بنفسه عن السياسة والمهرجانات والأمسيات؟
قال أبو الجود: أنا أعرفه. يا له من رجل محترم.
قال كمال: نعم. محترم، ومثقف بشكل موسوعي، ولطيف، ودمث. إنه ابن ناس محترمين والله.
قلت: كل هذا ولم يسلم من تقارير فلان الفلاني الكيدية.
قال أبو محمد: أيوه. يعني فلان يعرف (ميم) ويلتقي به؟
قلت: سؤال العم أبو محمد يجعلني أضيف صفة جديدة للشاعر المخبر فلان، لم نتطرق إليها من قبل، وهو أنه لا يكتب تقارير بالأشخاص الذين يعرفهم فقط، بل يكتب بمن لا يعرفهم. ومن التحائف النادرة التي حصلت، أن فلاناً الفلاني كتب لفرع أمن الدولة تقريراً يقول فيه إن الروائي "ميم" التقى في باريس مع مجموعة من الأدباء الإسرائيليين، وخرجوا ببيان إدانة لقيادتنا الحكيمة التي تتربص بالعدوّ الصهيوني الدوائر.
قال أبو زاهر: والله إن الشخص الذي يأتي من صُلب خاله لا يفعل مثل هذه النذالة. يخرب بيته شقد مفتري!
قلت: والشيء الطريف في الأمر أن عناصر أمن الدولة بإدلب استدعوا الروائي "ميم" إلى الفرع، وعلى الفور (ساقوه) إلى دمشق، وهناك، بعدما نقعوه ليلتين سأله المحقق عن صحة المعلومة المتعلقة باجتماعه مع إسرائيليين في باريس، فقال له:
- قبل أن أعطيك الجواب، هل يمكنني أن أسألك أنا سؤالاً؟
قال المحقق: أعرف أنك ستأكل هوا، ومع هيك راح اسمح لك تسألني؟
قال ميم: هل بإمكان أي مواطن سوري أن يذهب إلى باريس بدون جواز سفر؟
قال: لا.
قال: أنا بحياتي ما استخرجت جواز سفر!
(للحديث صلة)
قال كمال: يبدو الأمر، يا عزيزي أبو الجود، ظاهرياً، أننا نتحدث عن هذا الشاعر التافه فلان الفلاني ونعطيه الأهمية التي لا يستحقها بالتأكيد. أنا أريد أن أسال العم أبا محمد، بوصفه تاجرَ مَوَاشٍ، عن الإجراءات التي يتبعها التجّار بالدوابّ قبل أن يأخذوها إلى بازار الخميس في بلدة معرتمصرين لبيعها.
استوى أبو محمد جالساً وقال: نأخذ الدابّة إلى مستنقع (الرام)، ونغسل جسمها بالماء، وننظفها بالفرشاة مع قليل من الصابون السائل، ثم ننشفها، ونأخذها إلى البراري لترعى العشب الطازج، وفي الليل نعلفها بكمية وافرة من التبن والشعير، لتكون في الصباح قد بلغت أوج الشبع والنظافة والنضارة، وهذا يغري الزبون في البازار، صباح اليوم التالي، فما إن يراها حتى يندفع لشرائها. ولكنني، بصراحة يا أستاذ كمال، لم أفهم سبب هذا السؤال عن بيع الدوابّ في هذه الجلسة.
قال كمال: لا شيء، وإنما أردت المقارنة، فلو أننا بقينا شهراً مؤلفاً من ثلاثين نهاراً بلياليه ونحن ننظف الشاعر المخبر "فلاناً الفلاني"، ونعلفه بالتبن والشعير ونطعمه ما لذّ وطاب من قشور البطيخ والتين اليابس (القَرُو)، ثم أنزلناه إلى البازار، وعرضناه للبيع، لما وضع له أي من الزبائن سعراً أكثر من ربع ليرة سورية! ومع ذلك تَرَبَّعَ هذا الرجل على سدة القرار الثقافي والأدبي (والأمني) في محافظة إدلب أكثر من ربع قرن، والسبب أن نظام حافظ الأسد الأمني الإجرامي يعمل، على نحو ممنهج وحثيث، على تكسير مجاذيف الشخصيات المهمة، ورَفْع شأن الشخصيات التافهة الوضيعة من أمثال فلان الفلاني.. يعني نحن نتحدث عن شخص تافه جداً، ولكننا، في الحقيقة، نتحدث عن بنية نظام الأسدين الذي خرب سورية وجعل عاليها سافلها.
قلت: أنا موافق على ما قاله الأستاذ كمال، وأبصم له بالأنامل العشر، فهذا الرجل التافه "فلان" استطاع أن يجرجرنا للتحقيق في فروع الأمن المختلفة، أكثر من مرة، وبعضُنا لم تكتفِ فروع الأمن المحلية باستدعائه، فحوّلوه إلى فرع التحقيق في العاصمة. هل تعرفون الروائي (ميم) الذي يعيش في قريته البعيدة نائياً بنفسه عن السياسة والمهرجانات والأمسيات؟
قال أبو الجود: أنا أعرفه. يا له من رجل محترم.
قال كمال: نعم. محترم، ومثقف بشكل موسوعي، ولطيف، ودمث. إنه ابن ناس محترمين والله.
قلت: كل هذا ولم يسلم من تقارير فلان الفلاني الكيدية.
قال أبو محمد: أيوه. يعني فلان يعرف (ميم) ويلتقي به؟
قلت: سؤال العم أبو محمد يجعلني أضيف صفة جديدة للشاعر المخبر فلان، لم نتطرق إليها من قبل، وهو أنه لا يكتب تقارير بالأشخاص الذين يعرفهم فقط، بل يكتب بمن لا يعرفهم. ومن التحائف النادرة التي حصلت، أن فلاناً الفلاني كتب لفرع أمن الدولة تقريراً يقول فيه إن الروائي "ميم" التقى في باريس مع مجموعة من الأدباء الإسرائيليين، وخرجوا ببيان إدانة لقيادتنا الحكيمة التي تتربص بالعدوّ الصهيوني الدوائر.
قال أبو زاهر: والله إن الشخص الذي يأتي من صُلب خاله لا يفعل مثل هذه النذالة. يخرب بيته شقد مفتري!
قلت: والشيء الطريف في الأمر أن عناصر أمن الدولة بإدلب استدعوا الروائي "ميم" إلى الفرع، وعلى الفور (ساقوه) إلى دمشق، وهناك، بعدما نقعوه ليلتين سأله المحقق عن صحة المعلومة المتعلقة باجتماعه مع إسرائيليين في باريس، فقال له:
- قبل أن أعطيك الجواب، هل يمكنني أن أسألك أنا سؤالاً؟
قال المحقق: أعرف أنك ستأكل هوا، ومع هيك راح اسمح لك تسألني؟
قال ميم: هل بإمكان أي مواطن سوري أن يذهب إلى باريس بدون جواز سفر؟
قال: لا.
قال: أنا بحياتي ما استخرجت جواز سفر!
(للحديث صلة)