الرياضة والتحوّل الجنسي... عدالة أم تمييز؟
تخيّل أنك امرأة تتمرّن 10 أعوام في رياضة الجري، ثم يأتي رجل، تحوّل لامرأة منذ عام واحد فقط، ليفوز عليك بكلّ سهولة، دون أن يكون لديك ما تفعله، لأنّ المعايير الرياضية تقبل الأشخاص الذين يعرّفون أنفسهم على أنهم نساء، حتى لو كان ذلك بعد 25 عاماً من الولادة كذكور.
عن ماذا نتحدث هنا؟ يعلم الجميع بوجود ظاهرة التحوّل الجنسي، ويتم هذا بعمليات جراحية واستخدام الهرمون الأنثوي. يستخدم العلاج هرمونات التأنيث لإحداث تغييرات جسدية في الجسم لتعزيز مطابقة الهوية الجنسية (التطابق بين الجنسين)، وإذا بدأ العلاج بهرمونات الأنوثة قبل أن تبدأ تغييرات سن البلوغ، يمكن تجنّب الخصائص الجنسية الثانوية للذكور، مثل زيادة شعر الجسم والتغيرات في طبقة الصوت.
يُعرف العلاج بهرمون الأنوثة أيضًا باسم "العلاج الهرموني"، وأثناء العلاج بهرمون الأنوثة، يُعطى الرجل دواءً لمنع عمل هرمون التستوستيرون، ويُحقن هرمون الإستروجين لتقليل إنتاج هرمون التستوستيرون وتحفيز الخصائص الجنسية الثانوية الأنثوية. يمكن أن تكون التغييرات التي تسبّبها هذه الأدوية مؤقتة أو دائمة.
رغم ذلك، تبقى الفروق الجسدية واضحة، إذ لا يمكن إنهاء تأثير الهرمون الذكري كلياً، خاصة بعد فترة البلوغ، وهذا بالضبط، ما أحدث مشكلة في الرياضة النسائية، حيث أظهرت النتائج على أرض الواقع تفوّقاً ساحقاً للرياضيين المتحولين إلى نساء في الرياضة النسائية، ففي عامي 2017 و 2018، فازت تيري ميلر، وهي امرأة متحوّلة جنسياً، ببطولة مضمار سباق المدارس الثانوية النسائية في ولاية كونيتيكت في الولايات المتحدة الأميركية في سباقات 55 مترًا، و100 متر، و200 متر و300 متر. كانت منافستها الحقيقية والوحيدة خلال هذين العامين هي أندريا ييوورد، وهي امرأة متحوّلة جنسياً أيضا.
وفي عامي 2017 و2018 ، سيطر ماك بيغس، وهو رجل متحوّل جنسيًا، يبلغ وزنه 110 أرطال على قسم المصارعة للفتيات في تكساس، وحصل على بطولتين على مستوى الولاية، وجمع رقمًا قياسيًا بلغ تسعة وثمانين فوزًا وصفر خسارة.
الفروقات بين الجنسين مهمة جداً في الرياضة لضمان العدالة في التنافس وحصد الألقاب
تضع الولايات الأميركية معايير مختلفة في التنافس الرياضي، فعلى عكس ولاية كونيتيكت، حيث يتنافس الرياضيون كما يحدّدون، يجب على الرياضيين والرياضيات في تكساس التنافس ضمن الجنس المدرج في وثائق الولادة.
الفروق بين الجنسين مهمة جداً في الرياضة لضمان العدالة في التنافس وحصد الألقاب. سيرينا وليامز ليست فقط واحدة من أفضل لاعبي التنس في التاريخ، إنها واحدة من أفضل الرياضيات في التاريخ كذلك. وفي عام 1998، ادّعت كل من سيرينا وشقيقتها فينوس أنه لا يوجد لاعب رجل خارج قائمة أفضل 200 مصنّف عالمياً يمكن أن يهزمهم. لكن كارستن براش، لاعب التنس المصنّف 203 في ذلك الوقت، تحدّى اللاعبتين، وفاز على سيرينا 6-1 وفينوس 6-2.
النقاشات حول المنافسة العادلة في الرياضة امتداد لمواضيع جدلية في الغرب، حول ما يجب أن يكون عليه شكل المساواة بين الرجل والمرأة، حيث يصرّ أحد أشهر باحثي علم النفس الكنديين في الوقت الحالي، جوردان بيترسون، على أنّ تساوي الفرص، سواء في الرياضة أو غيرها، سيفضي إلى مزيد من الفوارق على مستوى النتائج بين الجنسين. في الرياضة، حتى مع استخدام هرمون الأنوثة، لا يزال الرجال المتحوّلون إلى نساء يتمتعن بأفضلية ساحقة على النساء الأصليات. يدور نقاش الآن حول احتمالية تخصيص مسابقات خاصة للمتحولين والمتحولات، وهو ما يثير اعتراضات كونه تمييزاً جديداً على أساس الجنس.
على الجانب الآخر، لا يبدو موقف الجمعيات النسوية واضحاً من هذه الظاهرة، فالنساء الأصليات يعترضن على عدم العدالة في الفرص، بينما النساء المتحوّلات يصررن على ضرورة اعتبارهن نساء طبيعيات، وأنّ إزاحتهن من المشهد تُعتبر تعدّيا على حقوق النساء، فكيف سيكون شكل الرياضة النسائية مستقبلا؟