العالم أحلى مع مونديال قطر
اختتم العرس المونديالي في قطر بتتويجها الأقوى تنظيماً والأكثر نجاحاً في استضافة البطولة. ومع انتهاء المهرجان الكروي، خطّت قطر لها هوية عالمية مكتملة الأركان وسمعة طيبة كاملة الأوصاف، ويشهد العالم هذا الإبهار والدهشة غير المسبوقة في مساحة جغرافية صغيرة أشبه بالقلب الذي احتوى على 3 ملايين، إلى جانب 5 مليارات شخص في العالم شاهدوا بطولة كأس العالم.
وقال جياني إنفانتينو، رئيس "الفيفا" في المؤتمر الصحافي الأخير له في الدوحة: "المونديال شهد نجاحاً على كل الأصعدة، ولم نشهد أية حالات شغب. نشكر قطر على تقديم النسخة الأفضل على الإطلاق"، مشيراً إلى أن المونديال كان فرصة للكثير من الجماهير التي حضرت إلى دولة قطر للتعرف إلى الثقافة العربية.
لم تُكرس قطر نفسها لتنظيم المباريات فحسب، بل مزجت مع التنظيم تعليماً أيضاً، وأتقنت دروس الثقافة العربية بجميع أشكالها وقيمها الراسخة، وكل ذلك كان نتاجه انعدام حالات الشغب والخلافات في الملاعب.
نحن متعطشون لأي نصر عربي، سئمنا من الحروب وسماع دوي الانفجارات والطائرات، سئمنا من الشريط الأحمر الفاقع في الأخبار وقراءة القتلى والجرحى
ولعل أجمل محطات المونديال، أن القضية الفلسطينية كانت موجودة وحاضرة بأعلامها وكوفيتها، حيث أظهرت قطر باستضافتها للعالم وزن القضية الفلسطينية في وجدان الفكر العربي. أن يحمل المشجع العربي علم بلاده وعلم فلسطين متوشحاً بالكوفية، فارقة لن تراها إلا في مونديال قطر، وأن ترى الإعلام الإسرائيلي مُهمشاً صغيراً ذليلاً، علامة واضحة على أن الشعوب بريئة من أنظمتها التي طبّعت، ولا تمتّ إليها بصلة، واتفاقات أبراهام كلها مجرد حبر على ورق، والرسالة من تهميش الإعلام الإسرائيلي مفادُها أنه لا يوجد شيء اسمه إسرائيل، يوجد فقط دولة فلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف.
كان مونديالاً استثنائياً مختلفاً من بدايته حتى آخر سيناريو اللعب بالأعصاب بين الأرجنتين وفرنسا. لم نكن نتخيل، ولو للحظة واحدة، كيف أقصت اليابان ألمانيا وأخرجتها من دور المجموعات. لم نتخيل أن تفعل النسور التونسية بالديوك الفرنسية ما فعلت، وذهب انتصارهم للتاريخ. أما حكاية المغرب، فقد كانت أعجوبة تَعجب منها التاريخ ودوّن حكايتها الغريبة العجيبة.
الكل أثنى على لعب المغاربة، ومن كبار الشخصيات السياسية عالمياً وعربياً، حيث أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بلعبهم، والرئيس الفرنسي ماكرون. لا ننسى أن فوز المغرب المتتالي على بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، أظهر عروبتنا ووحدتنا لأيامٍ قليلة، وأنسانا همومنا في أوطاننا.
فنحن متعطشون لأي نصر عربي، سئمنا الحروب وسماع دوي الانفجارات والطائرات، سئمنا الشريط الأحمر الفاقع في الأخبار وقراءة القتلى والجرحى، سئمنا الوعود الكذابة ومخادعة السياسيين وفشلهم المتواصل. شكراً للمنتخب المغربي الذي ذهب بنا بعيداً عن واقعنا المرير.
نحن العرب ممتنون لدوحة الخير التي استظل العالم تحت فروعها الخضراء، وأطعمتنا من ثقافتها الشهية وأصالتها الزكية، وسقتنا من كرمها وجودها، وأشبعتنا فخراً واعتزازاً بها. نعم نفتخر بقطر التي حسنت من الصورة العربية، وكانت خير ممثل للعرب كافة. لقد أوفيتم بوعدكم، وممتنون جداً لكم.