الفتى سلمون وغزوة الفلافل
في إحدى سهرات الإمتاع والمؤانسة التي صادفت قبل العيد، حكى لنا الأستاذ كمال كيف أن الفتى الخبيث سلمون جاء أباه وعلى جبينه انتفاخ (بعجورة) بسبب الضرب بالعصا الذي تعرض له من قبل الحاج ناعس بائع الشعيبيات.
كمال: العم "أبو سلمون" ما حاول يتأكد من صحة الرواية العجيبة اللي سردها عليه سلمون حول الحادثة، السبب إنه بيعرف، من خلال التجربة، إن كل شي بيحكيه سلمون كذب، وشطح خيال.
أم الجود: عفواً أستاذ كمال، عم تقول إنه أبو سلمون بيعرف إبنه كذاب من خلال التجربة. قصدك يعني في تجربة محددة؟
كمال: طبعاً، في تجارب كتيرة. أنا هلق راح إحكي لكم وحدة منها. من مدة قصيرة يا أصدقائي صارت مع سلمون مشكلة خطيرة. ملخصها إنه اعتدى بالضرب على خالد ابن "الحاج صطوف المعرّيوي".. ولما عرف أبو سلمون بالخبر قعد يستفهم منه عن تفاصيل المشاجرة وأسبابها، فروى له سالفة بمنتهى الغرابة، وبعد شوي وصل العم أمجد، أخوه لأبو سلمون، وسألهم (خير؟ أشو صاير؟) فقال له أبو سلمون: إبن أخوك المحترم سلمون قدامك، اسأله.
قال أمجد: تفضل ابن أخوي سلمون، احكي لي القصة.
سلمون ما انتظر حتى خالد يعتذر له، نتش السندويشة من إيده وبلش ياكلها على مهله.. أما خالد، فراح ع البيت وهوي عم يبكي، وروى السالفة لأبوه، وأبوه بعت رسالة موجزة لأبو سلمون
فبلش سلمون يحكي القصة لعمه أمجد، وخلالها لاحظ أبو سلمون إنه سلمون عم يحكي لعمه حكاية مختلفة تماماً عن الحكاية اللي رواها له إياها قبل شوي.
أبو محمد: طول بالك أستاذ كمال. نحن اللي هلق عم نسمع القصة، كيف بدنا نعرف إنه الرواية الأولانية مختلفة عن التانية؟
كمال: أنا جاهز لأحكي لكم كل شي. الحقيقة يا أصدقاء إنه هاي القصة كان فيها عنصر درامي قوي، وهوي إنه الحاج صطوف المعرّيوي اللي تعرض إبنُه لاعتداء من سلمون، زعيم عيلة قوية، ومتسلطة، والناس في البلد بيحاولوا يبتعدوا عن أبناء هاي العيلة، ويتحاشوهم قدر الإمكان، لأنهم لما بيضربوا حدا أو بينتقموا منه ما بيرحموه أبداً. منشان هيك لما وصل الخبر لأبو سلمون إنه ابنه معتدي على ابن الحاج صطوف المعرّيوي طَقّ عقلُه، وصارت عضامه ترتجف من الخوف، وبسرعة بعت خبر لأخوه أمجد، منشان يحضر حالاً، وبعت مرسال لإبن حماه صالح، وطلب منه يحضر، لحتى يشاورهم في الموضوع، ويبادروا للاعتذار من الحاج صطوف المعرّيوي قبلما يبعت كتيبة مؤللة متل كتائب الشبيحة ويكسروا ويطبشوا ويضربوا ويسبوا ويحشكوا.
أبو الجود: هه هه. هلق صرنا نفهم.
أبو جهاد (ممازحاً): إذا أبو الجود فهم معناها الكل فهموا. تفضل أستاذ كمال.
كمال: سلمون، قبلما يطلع من البيت، طلب من أبوه يعطيه مصاري منشان يشتري سندويش فلافل، أبو سلمون مفلس كالعادة، قال له: لأيش الفلافل ولاك إبني؟ فوت عالمطبخ، جيب رغيف خبز وادهنه بزيت، ورش عليه ملح وكول لحتى تشبع..
سلمون ما نفذ نصيحة أبوه، طلع وهوي عم يفكر بخطة تخلّيه يتمكن من سرقة أقراص فلافل من محل "جميل أبو محمد". وخطر له يمر على صديقه أحمدوني ويقترح عليه مرافقته في الغزوة اللي ممكن نسميها (غزوة الفلافل).. ولما كان في طريقه لبيت أحمدوني التقى بـ "خالد إبن الحاج صطوف المعريوي" وكان شايل بإيده سندويشة فلافل ومبلش ياكل منها. سلمون شعر وكأنه لقى لقية. وقف، وتلمظ، وقال لخالد: يا خالد أنت سبيتني على أمي الله يرحمها.
خالد: أنا والله ما سبيتك.
سلمون: ما سبيتني لسه، بس كانت عندك نية تسبني، أنا هيك لاحظت. وهلق قدامك حلين، يا إما بتعتذر لي، يا إما بتعطيني سندويشة الفلافل وأنا بسامحك.
سلمون ما انتظر حتى خالد يعتذر له، نتش السندويشة من إيده وبلش ياكلها على مهله.. أما خالد، فراح ع البيت وهوي عم يبكي، وروى السالفة لأبوه، وأبوه بعت رسالة موجزة لأبو سلمون، هادا نصها: (نحن بيت المعريوي ما حدا بيدوس إلنا على طرف، منشان هيك خلال عشرة أيام بتاخد إبنك الأجدب سلمون وبتغادروا البلد، يا إما بدنا نسحقكم سحق).
أبو جهاد: ولي. القصة صار فيها ترحيل.
كمال: نعم. وأما رواية سلمون لوالده، فكانت على الشكل التالي: أنا، ياب، كنت ماشي في السوق، تلاقيت بخالد المعريوي، ومعه سندويشة فلافل، سلم علي وقل لي (تعال بدي أضيفك سندويشة)، أنا قلت له ما بدي، لأنه أبوي نصحني إدهن رغيف بالزيت وأرش عليه ملح وآكله، وأنا متلما بتعرف يا خالد، بحب أبوي وبسمع كلامه، ولولا أبوي بيريد مصلحتي كان هوي اشترى لي فلافل بإيده. وخالد صار يلح علي، قال لي إذا ما بدك سندويشة كاملة راح إقسم سندويشتي وأعطيك نصها. أنا رفضت، هوي كبرت القصة براسه، رفع إيده بده يلوحني بالكف، أنا مسكت إيده وضربته.
أبو سلمون: ضربت إبن الحاج صطوف المعريوي؟ الله لا يوفقك. إنته بتعرف إنه بده يرحّلنا من البلد؟
أم زاهر: بالفعل هادا سلمون إعجوبة. دخلك وشلون روى القصة لعمه أمجد؟
كمال: الخبيث سلمون بيعرف إنه عمه أمجد كان حارس مرمى بفريق أمية، فروى له قصة ما إلها أي علاقة بموضوع الفلافل. قال له والله يا عمي أنا ما اعتديت على خالد المعريوي، كنا عم نحكي أنا وهوي في الرياضة. قال لي إنه نادي أمية جايب جولار جديد من بيت (حدادي)، وبإذن الله هالسنة بده يطلع عالدرجة الأولى. أنا تمسخرت عليه، قلت له إنته من وين جايب كل هالذكا؟ إذا أمية السنة في الدرجة التالتة شلون بده يطلع ع الدرجة الأولى؟ لازم يطلع أول شي ع الدرجة التانية.
بعدين أنا حضرت مبارة للجولار كمال حدادي، بصراحة هوي منيح، بيصد، بس إذا الفريق التاني عنده قلب هجوم قوي بيحشيه بالأهداف حَشي. قام خالد قال لي إنته عم تحكي هيك لأنهم شالوا عمك أمجد. أصلاً عمك أمجد هوي اللي نَزَّلْ فيرق أمية للدرجة التالتة، يا حبيبي عمك من كل ست طابات بيشيل وحدة، وخمسة بيفوتوا بالجول. أنا بصراحة ما حسنت إتحمل، رفعت إيدي وصفقتُه بالكف. قام هوي صار يبكي، وراح حكى لأبوه. بتعرف يا عمي؟ هادا خالد جبان، لو ما كان جبان كان هوي ضربني.. ليش يستقوي بأبوه وعمامه؟
(للقصة تتمة)