حوار مع يسرا عن الحب والموت (4/4)
ـ بالاحظ دايما إنك لما بتتكلمي عن طفولتك، ما بتوقفيش أبدا عند والدك، بتفتكري والدتك بس؟
لإن والدتي أغلى بكتير عندي.
ـ تجربتك مع والدك ما كانتش سعيدة؟
آه لإنه خدني من أمي بعد الطلاق وما كنتش عايزة أبعد عنها، هما انفصلوا عن بعض قبل ما أتولد، وبعد ما عشت في حضن ماما، أخدني منها لمدة سبع سنين، وأنا في عز الاحتياج ليها، وكان ده شيء صعب جدا عليا، وحرمني من إكمال تعليمي، يعني خدت الجي سي إي من منازلهم، عشان كده كنت متألمة منه وما كانش في صلة عاطفية ما بيننا لحد ما مات الله يرحمه.
ـ طيب، لما بتشوفي محطات حياتك الحافلة دي: طفولة قاسية، وزيجات أو قصص حب فاشلة، محنة زي حادثة اقتحام شقتك وتوابعها، ذاكرتك بتتعامل مع المحطات دي إزاي؟
كل ده نسيته، ما ينفعش إنك تقف عند صدمة أو أزمة وتخلي ليها قيمة وسعر أكبر مما تستحق، كل ده عبرته والحمد لله، اللي فاضل منه شوية ندوب، بالطبع مش هتتمحي نهائيا، لكن باتناساها وبتقويني داخليا.
ـ أكيد بتصحى آلام الذكرى دي ساعات؟
تصحى لما حد يصحيها، لكن باحاول إني ما أتوقفش عند اللي فات، لإني مؤمنة بإن اللي ما قتلنيش قواني، الجملة دي فيها اختصار لكل اللي فات في حياتي وعشان كده مؤمنة بيها.
ـ ما ينفعش يعدي الحوار من غير ما أسألك عن شائعات الحجاب والاعتزال اللي؟
(تقاطعني) ولا ناوية أتحجب ولا ناوية أعتزل.
ـ طيب ما فكرتيش ساعات إنك تعملي زي الشخصية البديعة اللي عملتيها في فيلم (الإنسان يعيش مرة واحدة)، تهربي لمكان منعزل وتفضلي في صمت وعزلة كاملة؟
ممكن جدا أهرب من الناس كلها وأختفي، بيحصل ده في أوقات كتيرة، إما أسافر، أو أقفل عليّ صومعتي وما حدش يعرف عني حاجة وأنعزل تماما عن كل اللي يضايقني لغاية ما أستعيد توازني.
ـ بتفضلي الهروب لفين؟
أي مكان فيه بحر، لإن البحر بيديك مساحة لتنظيف الروح.
ـ هل بتُجبري أحياناً على تصنع السعادة وتكلّف الابتسامة؟
بالعكس، أنا ما باقدرش أتصنع السعادة، دايما يبان عليا، لو سعيدة تلاقي عينيا بتلمع زي الألماظ، لو مش سعيدة عيوني تفضحني على طول.
ـ لأي مدى بيشغلك الخوف من الزمن؟
باخاف من بكره زي أي إنسان عادي.
ـ من انحسار النجومية وخفوت الأضواء؟
أنا مش شايفة إن النجومية ممكن تنحسر لو استعملت مخي صح، وعشان كده ده شيء ما بيقلقنيش أبدا، ولو فرضنا إن النجومية في يوم من الأيام اتضح إنها خلصت على كده، يبقى خلصت على كده، مش هتنتهي حياتي، خلاص، انتهت النجومية زي أي شيء بينتهي، أصل لو حطيت ده في تفكير من دلوقتي، هاتجنن وأنا بافكر في آخر مشواري.
(بابتسامة غيظ) يعني لما تعمل سبع أو 8 أو حتى عشر أفلام فيها مشاهد إغراء من أصل 80 فيلم ويمسك لك حد في المشاهد دي يبقى فاضي، اللي بيسأل عن المشاهد دي ناس دماغها فاضية
ـ بس المشكلة إن الأدوار اللي بتتعرض عليكي بتعتمد على الشكل، والشكل بيدخل في صراع مع الزمن؟
أنا معتمدة على شيء اداهولي ربي وأنا باحاول الحفاظ عليه لأطول فترة ممكنة، شكلا وموضوعاً وموهبة وعقلا ومخاً.
ـ يعني لو خيروكي في مسألة الاستمرار في التمثيل بين مصائر مختلفة، مصير أو مسار نادية لطفي ولا سعاد حسني ولا فاتن حمامة ولا أمينة رزق؟
فاتن حمامة، أتمنى أكون ربعها، يا ريت أكون زيها، نِفسي، ولو ما قدرتش أحقق مكان زي ده هتلاقيني اختفيت بالتدريج، أو مش هتلاقيني خالص، احتمال.
ـ يعني مش هتكملي في التمثيل لغاية ما تقدمي أدوار الجدة مثلا؟
لا، ما أفتكرش، ما أفتكرش، ممكن أعمل دور الجدة دلوقتي عشان أورّي للناس إني بامتلك كل أدوات التمثيل، على فكرة أنا عملت دور جدة في سهرة تلفزيونية من حوالي 15 سنة، وعملت دور أم في أعمال كتيرة لإني باحس من المهم إني أغير جلدي.
ـ يعني مش هتخلي الناس يقولوا: ياه شوف يسرا كبرت إزاي؟
لا، لا، هاخلي الناس تحتفظ بفكرتها عني زي ما هي على قد ما أقدر.
ـ في ناس كانت بتعتبر إن في أوجه شبه كتيرة بينك وبين سعاد حسني؟
(تقاطعني بحماس) بافرح بده جدا جدا جدا.
ـ يعني يقصدوا من حيث النجاح وتطوير الموهبة ومن حيث المعاناة برضه؟
سعاد حسني بالنسبة لي مثل كبير جدا، وأنا باتعلم منها كفنانة وكإنسانة.
ـ بتتعلمي إزاي من محنتها دلوقتي؟
طبعا باتعلم، هذه السيدة طاقة فنية لم ولن تحدث، لما قلقت وخافت أكتر من اللازم ما قدرتش تعمل الموازنة صح، وفقدت الثقة في اللي حواليها، ده أهم درس باحاول أتعلمه، إني أحاول ما أفقدش الثقة في اللي حواليا، أحاول دايما إني يكون عندي ناس معينة أثق فيها يكونوا مرايات ليا بس بشكل حقيقي، وهما ناس قليلين، بعضهم جوه الوسط الفني لكن غالبيتهم من بره الوسط الفني، زملاء طفولة ودراسة وأصدقاء رجال وستات.
ـ بس ساعات الخوف إنك تلاقي نسبة المطبلين والمزمرين عالية؟
لا، ما فيش حد فيهم بيعمل ده معايا، آراءهم دايما صريحة وما فيهاش أدنى نسبة مجاملة وده اللي مخليني أهتم بيهم.
ـ بس ساعات البعض بيشكو من إن أصدقاء الفنان بيتحولوا إلى دواير مسيطرة عليه، خصوصا وإن أغلبهم ما بيكونش متخصص؟
أنا ما باخدش رأيهم الفني كمتخصصين، يعني مش باخليهم مثلا يقروا السيناريوهات، لكن باقول لهم أفكار وأسألهم عن رأيهم في موضوع معين، وهل هيعجب الناس؟ وأسمع كل الآراء وأهتم بفهم ليه اتقالت وأحللها، ده بيبقى مهم جدا، ومع التطور والخبرة بتقدر تفرز وتفهم الرأي اللي بتسمعه جاي منين وتعرف هتستفاد منه إزاي.
ـ بما إننا اتكلمنا عن تجربة سعاد حسني والدروس المستفادة منها، هل أمّنتي مستقبلك المادي عشان ما تتعرضيش للي هي تعرضت له؟
لا، للأسف الشديد، أنا ماشية بالبركة، عمري ما اشتغلت عشان أحوّش فلوس، لإني باصرف كتير، وكل أهلي وصحابي يقولوا لي خدي بالك، وساعات بافكر في ده، لكن دايما تحصل ظروف، ويبدو إن ما فيش أمل إني آخد بالي، بس مش عارفة، يعني النقطة دي باسيبها على الله لإنها مستورة والحمد لله، لكن غلط طبعا أتخيل إني ممكن آخد نفس الفلوس اللي هاخدها وأنا نجمة وشابة، لإن العكس صحيح، وانت أصغر بتعمل فلوس أكتر، فمش عارفة هاعمل إيه في النقطة دي.
ـ بتتصوري إن حياتك ممكن تمر من غير ما تنجبي طفل؟
ممكن جدا، كنت أتمنى إني أخلف، لكن بقيت متصالحة مع فكرة إن الحياة ممكن تمر من غير ما أنجب أطفال، يمكن ربنا رحمني لإنه ما رزقنيش بأطفال لغاية دلوقتي من كتر ما كنت هابقى متعلقة بيهم (تضحك بمرارة وأرى الدموع في عينيها) ويمكن يكون ربنا رحم العيال مني ومن حبي، يعني ربنا برضه بيحط لي نماذج في الحياة عشان يصبرني بشكل مباشر، يعني إنك تشوف حد عنده ابن أو بنت زي الفل وعلى أعلى مستوى في التعليم وفجاة يخطفه الموت، فأحيانا أقول الحمد لله إن ربنا ما رزقنيش بأطفال عشان ما أصابش بحزن لو فقدتهم، ودايما أقول لنفسي لازم تكوني مقتنعة إن كل اللي جالك من ربنا كان لمصلحتك وتحمديه وتشكريه على كل اللي جابه.
ـ من أهم إنجازاتي في الحوار دي إني مش هاسألك السؤال اللي بتتسئليه دايما عن مشاهد الإغراء، لكن هاسألك عن مشاعرك تجاه السؤال ده؟
(بابتسامة غيظ) يعني لما تعمل سبع أو 8 أو حتى عشر أفلام فيها مشاهد إغراء من أصل 80 فيلم ويمسك لك حد في المشاهد دي يبقى فاضي، اللي بيسأل عن المشاهد دي ناس دماغها فاضية.
ـ في اعتقادك الجمهور العادي بيتعامل مع المشاهد دي بفهم؟
مؤكد، فاهمين الحكاية صح، وفاهمين إن ده شغل وإني باعمل شخصية بتتطلب ده، بس مع الأسف احنا أحيانا في الإعلام والصحافة بندي الأمور أكتر من قيمتها، وأحيانا لما نكون ضد فلان أو فلانة بنحاول نصور الأمور بشكل معين عشان نشوه صورته ونقول له أصلك عملت كذا ونسيب النجاح ونركز على جوانب تافهة.
ـ في رأيك ده بيكون بقصد ولا ده جزء من التفكير العام؟
يعني ما باحبش أتكلم عن فكرة إن في حد بيحاربني أو ما بيحاربنيش، لكن في كده وفي كده، في بعض الأحيان ده يكون مقصود وأحيانا جهل وأحيانا فراغ.
ـ علاقة الناس في مجتمعنا بالفنانات بالتحديد فيها طابع غريب، يعني ممكن يحبوا الفنانة جدا، لكن يقبلوا إنهم يتكلموا في سيرتها لما تطلع عنها إشاعات، بتشوفي الحكاية دي إزاي؟
بالعكس، أنا اكتشفت إن الشعب المصري لما بيحب حد ما يقبلش يسمع عنه حاجة ما تسروش، زي ما تكون أهلاوي أو زملكاوي وفريقك يلعب ماتش وحش فتدافع عن فريقك، أنا باحس إني جزء من الشعب ده ومن الشعب العربي، باحس إن الناس مصدقاني ومؤمنة بيا، وعشان كده ما بيأثرش عليّ أي إشاعات أو حملات، وباحس ده من رد الفعل في الشارع، يعني من ساعة ما اتنشرت أخبار مرضي، ما فيش حد وأنا بامشي في الشارع إلا لما يقول لي: حمدالله على سلامتك.
ـ حمد الله على سلامتك.
(ضاحكة) الله يسلمك.