دردشة طويلة مع الأستاذ بشير الديك (7/10)
ـ بعد ما أعلنت استقلالك عن العمل مع الأستاذ مصطفى محرم وبدأت تشتغل شغلك الخاص، حصل إنك اشتغلت مع أسماء كبيرة في السينما، يعني غير فريد شوقي، عملت في الفترة دي تجربتين مع رشدي أباظة؟
(بعد تنهيدة طويلة) رودي الجميل، رشدي ده حبيبي وكان زي أخويا، راجل جميل جدا، عملت معاه (الأقوياء) و (دعوني أنتقم)، كان هو وعادل أدهم والاتنين قاعدين لبعض زي الديوك وكانوا متخاصمين مع بعض وصالحناهم بعد شغلانة، رشدي كان بيحبني أوي في الفترة دي، وكان عايز يشتغل معايا في مشاريع كتيرة، وفاكر إني في (دعوني أنتقم) كنت عامل له شخصية ضابط مبهدل يعني بيطلع هدومه معفنة، ومش واخد باله من نفسه، فمرة لقيت اللبس بتاعه نضيف فأبديت ملاحظة، فقال لي بطريقته الجميلة نعم يا بشير، قلت له يعني يا رودي مش يبقى اللبس نضيف كده، قالي أنا أشيك واحد في مصر يا بشير، مش ابن الذين التاني اللي جايبينه قصادي جايب 25 قميص من باريس وعايزيني أطلع مبهدل، بس طبعا لما يدخل في الشخصية بيبقى مالوش حل، وكان وهو رايح يتعالج بره عايزني أعمل أدابتيشن لرواية بيحبها كان عنوانها القاضي والجلاد، كان جميل أوي الحقيقة الله يرحمه.
ـ في الفترة دي رجعت تشتغل مع مصطفى محرم برضه في فيلم (أشياء ضد القانون) مع أحمد ياسين المخرج؟
دي كانت رواية (البعث) لتولستوي، لما قريتها فاكر إني ما عرفتش أنام خالص، وقعدت متصور إن البنت بطلة الرواية حبيبتي وواخدها في حضني وبانط بيها من سطح لسطح عشان أنقذها، وقعدت أكتب في المعالجة بتاعة الفيلم.
ـ عشان بس أفهم الحكاية بشكل دقيق، في الأفلام اللي اشتغلتها مع مصطفى محرم بيكون الفاينال درافت أو النسخة النهائية من كتابتك؟
والفيرست برضه، يعني باشارك في الكتابة من البداية لحد النهاية، ونتناقش سوا ويخرج العمل باتفاق ما بيننا.
ـ في الفترة دي انت شاركت في كتابة فيلم (السلخانة) عن قصة لإسماعيل ولي الدين، لكن على الأفيش ما شفتش غير اسم السيد بدير بوصفه مشارك في التأليف؟
لا هتلاقي اسمي مكتوب على الفيلم، هو السيد بدير كان كاتب معالجة ساذجة للرواية، وجابها لي سمير صبري اللي كان منتج الفيلم، وأنا كنت حابب الرواية دي جدا، هي ورواية (الباطنية).
ـ هو إسماعيل ولي الدين رواياته سينمائية بامتياز، يمكن أكتر من قيمتها الأدبية؟
المهم جالي سمير صبري البيت، وقالي أنا اشتريت (السلخانة) وعايز أعملها، قلت له: برافو عليك مين بقى اللي هيعمل البطولة؟ قال لي: أنا، قلت له: لا اعمل شخصية عمر البشكار، استغرب وقالي يا بشير أنا شاري الرواية عشان دور البطولة، قلت له: ما ينفعش، قال لي: ليه، قلت له: بص انت شفت فيلم الأب الروحي؟ قال لي: آه طبعا، قلت له طيب شفت شخصية آل باتشينو وإزاي كان طالع شخصية بره عالم المافيا وبعد كده اضطر يدخل فيها، انت بقى الأحسن تلعب دور ابن المعلم من الست التانية اللي اتجوزها عشان يرتقي اجتماعيا، وخلف منها ولد وقعدت في المنيل مش قاعدة في المدبح، انت بقى الابن ده، لكنك طلعت طيار، وهاقدمك أول الفيلم بتتكلم إنجليزي وفرنساوي، وبعدين تحصل كارثة في المدبح فتضطرك الظروف إنك تخش، حتى خليت اللي موجودين في المكان يقولوا: مين الأفندي اللي جاي عاملي فيها مش عارف إيه؟ وإزاي يعني يبقى كده؟ ويسخروا منه، وطول الوقت بيشوف أخوه بيعمل إزاي وبيحاول يعمل زيه.
ـ حل ممتاز بصراحة وإلا كان هيبقى فيلم كوميدي؟
رحت أنا وعاطف الطيب نقابل وجيه أبو ذكري، قلت له يا عم وجيه المقالات دي انت كاتبها عن ظاهرة مهمة، لكن الناس اللي فيها مش واضح بيعملوا كده ليه، وعايز أعرف في تصورك ممكن القصة دي تتعمل فيلم إزاي، قال لي: مش عارف، قلت له: يعني عايزك تحاول تكتب القصة في صفحتين تقول فيهم انت كنت عايز تقول إيه
قلت له كده وإلا ما حدش من الجمهور هيصدقك خالص، وعجبته الفكرة وعملناها، والفيلم عمل ريكورد في الإيرادات وقتها، ويمكن تجربة مشابهة في التعامل مع القصة أو المصدر اللي باخد منه القصة، كانت في فيلم (ضد الحكومة)، كان مأخوذ عن مجموعة مقالات عن مافيا التعويضات كان كتبها وجيه أبو ذكري في جرنان (الأخبار)، وجاب لي المنتج المقالات وقتها، ورحت أنا وعاطف الطيب نقابل وجيه أبو ذكري، قلت له يا عم وجيه المقالات دي انت كاتبها عن ظاهرة مهمة، لكن الناس اللي فيها مش واضح بيعملوا كده ليه، وعايز أعرف في تصورك ممكن القصة دي تتعمل فيلم إزاي، قال لي: مش عارف، قلت له: يعني عايزك تحاول تكتب القصة في صفحتين تقول فيهم انت كنت عايز تقول إيه، فراح عمل حاجة تقليدية أوي، إن محامي التعويضات شرير وأمه شريرة والعمدة كان مش عارف بيعمل إيه، يعني واخد الشر مطلق عشان كده اشتغل في التعويضات وقصاده واحد تاني محامي أبيض، ولما قريت اللي كتبه قلت له جميل أوي وربنا يبارك لك، طبعا هو ما عندوش خبرة درامية، وقلت له طيب ليه ما يبقاش البطل واحد بس، قال لي إزاي أمال الصراع هييجي إزاي، قلت له لأ سيب لي أنا موضوع الصراع ده، وابتديت اشتغل على القصة، إن البطل يبقى محامي قذر، بس ليه أسبابه، مش علشان أسباب قدرية أو عشان أمه، ولكن لإن عنده أسباب، وبعدين تحصل حاجة مدهشة إن القبح اللي بيعمله يكتشف إن ليه ابن وإنه موجود في المكان ده اللي بيمارس فيه قبحه، وسميت الولد سيف، تحية مني للشاعر الجميل محمد سيف، اللي كنت عرفته أيام ما كنت بانشر في جاليري 68 وكنت مرتبط بصداقة مجموعة الكتاب اللي زي محمد سيف وعزب عامر ومحمد الفقي، ومنهم صديقك اللي كان بيطلع معاك في عصير الكتب بتاع ورشة الزيتون شعبان يوسف.
ـ أتصور إن المونولوج اللي كتبته في (ضد الحكومة) بتاع المحكمة، هو عند الجمهور أنجح مونولوج سينمائي مش بس في أفلامك ويمكن يكون من أكتر الحاجات اللي نجحت عند أجيال كتيرة، وأصبح بيستشهد بيه على عصور مختلفة عن عصر مبارك اللي اتكتب الحوار عنه؟
أنا فاكر إني لما شفت تأثير المونولوج ده على الشباب في 25 يناير ولما شفت إزاي أثر على عيال عندهم 17 و18 سنة والله بكيت فعلا يعني، واللي عاوز أقولهولك إني ما كنتش ممكن أتصور إنه هيأثر في الناس بالشكل ده، وهيعيش السنين دي، وعلى فكرة اتخانقت مع عاطف في المشهد ده لإنه من وجهة نظري ما قطّعهوش كما يجب.
ـ والله أنا لسه كنت هاحكي لك على واقعة شفتها بنفسي، كنت باعمل فيلم مع أحمد زكي الله يرحمه اسمه (الولد) وكان من إنتاج ناهد فريد شوقي، وكان فيه مشهد في النهاية فيه مونولوج مهم، وفاكر لما أحمد زكي قراه وما كانش حتى لسه عيي، فقال لي بص أنا عاطف الطيب خيطني في (ضد الحكومة) في المشهد بتاع المحكمة، لإني من غبائي وتغفيلي جيت أقوله لازم بقى كلوزات وبتاع، وقلت له كده قدام الناس فهو خدها كبرياء وقام مشعلق الكاميرا في قلب سقف المحكمة وأول ما خلصت قال فركش، فأنا بقى يا حلو انت وهي، ووجه الكلام لناهد، هاكتب في العقد بتاعي إن المشهد ده هيتصور كله كلوز، وده شرطي، والحقيقة أنا افتكرته بيبالغ لكن حضرتك بتأكد الكلام ده.
أحمد زكي لما قرا المشهد، قال لي: أحّيه يا بشير ده عايز كل فنون التمثيل اللي في الدنيا، قلت له صح (يضحك).
ـ هو إيه اللي حصل بين أحمد وعاطف عشان المشهد يطلع بالشكل ده؟
إحنا كنا بنصور مشاهد دار القضاء العالي يوم الجمعة من كل أسبوع عشان أجازة المحكمة، وجينا في المشهد الأخير ده، فعاطف بدأ يصوره توتالة من فوق شوية، لكنه قطع عليه من الوش شوية، وخد إنسرتات كتيرة أوي لابنه وللبلبة وعفاف شعيب وأبو بكر عزت، يعني خد إنسرتات كتير أوي، لكن في لحظات معينة أنا كان نفسي يبقى كلوز على وش أحمد، طبعا ما قدرتش أحكم على ده أثناء التصوير لإنه في التصوير بياخد الزاوية دي وبعدين ينقل على اللي بعدها وكذا، لكن أعتقد أحمد في اللي حكاهولك كان بيبالغ شوية.
ـ طبعا هو أحمد زكي مؤلف عظيم ما لقاش طريقه للورق، الله يرحمه ويرحم عاطف الطيب، في الآخر بغض النظر عن التفاصيل، المشهد عاش وأصبح أيقونة، أنا سألتك كتير عن تجربتك مع عاطف، لكن كنت عايز أسألك عن حد تاني كان ليك تجارب عديدة معاه، اللي هو نادر جلال، انت بدأت علاقتك بيه من بدري، من فيلم (المحاكمة)؟
حبيته من أول لحظة، نادر جلال علاقته بالسيناريو جميلة وحميمة جدا، لكن علاقته بالإنتاج بتضره كثيراً، لإنه مولود في ستديو جلال، ومتعود من خلال اللي شربه من والدته ماري كويني وآسيا إنه يفكر بشكل إنتاجي، هو كمان حساس وبيعمل تكوينات سينمائية حلوة، تكوينه كامل، لكن يمكن مشاعره مش جياشة. وعشان كده مثلا لما عملنا مسلسل (الناس في كفر عسكر) ونادر جلال ماعندوش دراية بأجواء الريف، فكنت يوميا باحضر التصوير عشانه وعشان صلاح السعدني برضه لإن صلاح كان الأول عايز يعمل الشخصية من سكة محمد أبو سويلم، فكان يشطح في التصوير وكنت أعترض ونعيد لغاية ما نوصل لسكة مختلفة في الأداء.
ـ ده كان أول مسلسل ليك مع نادر جلال، بعد أفلام كتيرة؟
كان أول مسلسل لي مع نادر جلال ومع صلاح السعدني، وفاكر إن صلاح كان عايز يعمل الشخصية زي ما يكون ياسر عرفات بس فلاح، قلت له احنا مالنا ومال ياسر عرفات، وكان عايز يعمل الشخصية بشكل مختلف عن سليمان غانم لإن ده كان مأزق بالنسبة له كممثل وكنت فاهم ده وباحاول أساعده على ده، يعني أنا فاكر إنه كان ساعات أثناء حركة الكاميرا بيملى كلام فقلت له ولنادر: لا يا جماعة الراجل ده ما يملاش كلام، ده يسكت خالص، يعني الكاميرا لما تقترب من عبد القادر لازم كمشاهد تبقى بتسأل يا ترى هيقول إيه، والحمد لله النتيجة طلعت كويسة جدا.
ـ ونجاح التجربة خلاك استريحت مع نادر جلال في الدراما التلفزيونية وما سبتوش بعض من ساعتها؟
استريحت معاه جدا لإنه فعلا بيعمل تكوين حلو، ورغم إمكانيات كاميرا الفيديو المحدودة لكنه كان بيطلع شغل حلو أوي.
ـ ده حقيقي وعملتوا تجربة هايلة في (درب الطيب) وتجربة مختلفة وجريئة عن الديكتاتورية في مسلسل (ظل المحارب)؟
انت عارف واحنا بنصور مسلسل (ظل المحارب) ده في سوريا، كنت أنا مسمي البلد (كربستان) فواحنا بنصور، لقينا المخابرات السورية بتوقف التصوير وبيقولوا لنا إيه اللي بتعملوه ده وفين فين لغاية ما اتعهدنا لهم إننا مش بنعمل إسقاطات ولا حاجة، احنا بنتكلم عن بلد خيالي اسمه كربستان، وكانت شغلانة خرجنا منها بأعجوبة.
...
نكمل غدا بإذن الله.