02 سبتمبر 2024
رضيع يعزم أصدقاءه على ثدي أمه
كان صديقي الكوميديان أبو برهوم غاضباً من والدته التي توفيت قبل ثلاثين سنة. فهو، بسبب المرحومة والدته، اضطر للزواج بالسيدة أم برهوم التي - على حد تعبيره - تشبه التلفزيون بعد انقطاع الكهرباء عنه، إذ يصبح بلا صوت وبلا صورة! وأما بالنسبة للصبايا الجميلات الثريات، فلم يكن ليستطيع أن يخطب إحداهن، لأن أغلبهن أخواته في الرضاعة كما أخبرته أمه.
سألتُه عن السبب الذي جعله يتأخر في طرح هذه القضية على بساط البحث حتى الآن، ولماذا لم يعاتب المرحومة أمَّه على هذا التصرف حينما كان أعْزَب؟ فأخبرني أنه عاتبها. وقال لها، مراعياً كونها أمَّاً، وأن الجنة تحت قدميها، بأنه لا يجوز لأم، مهما تكن معطاءة، أن تجعل ثدييها (سبيلاً)، يرضع منه اللي يسوى واللي ما يسواش من الأطفال، وتحرم أبناءها في المستقبل من نعمة اختيار فتاة أبوها ثري!
قلت: وماذا كان موقفها؟
قال: حطت الحق كله علي أنا.
قلت: حطت الحق عليك في أيش؟
قال: سأحكي لك القصة من أولها. حينما كنت أنا صغيراً كانت هي تذهب إلى الحصاد، لتساعد أبي بمصروف البيت، لأنه كان يعاني من وجع في ركبتيه. وكانت تضعني في الزوراعة (وهي قماشة تشبه المرجوحة تعلقها المرأة العاملة في رأسها ويتدلى ابنُها الرضيعُ إلى الأسفل وراء ظهرها). ولأن والدتي كانت قصيرة، فقد كان ظهري يصطدم بالحجارة، ويعلق به الشوك والعوصلان..
وحينما كان موكب الحواصيد يصل إلى الأرض التي تحتاج إلى حصاد كانت أمي تعلقني وأنا في جوف الزوراعة بشجرة تين عالية، وتباشر عملها. وكنت أبكي من الجوع ومن آلام الجروح التي أحدثتها الحجارة والأشواك في ظهري، وأظل أبكي حتى (أنشرط)، فلا ترد علي، لسببين، الأول هو أنها تكون وقتها منشغلة بالحصاد، والثاني أن سمعها كان ثقيلاً... بدليل أن أبي كان يصرخ في وجهها ويوبخها وكانت هي تنتظره حتى يفرغ من صراخه فتقول له: آ؟ أيش قلت؟
طوال ما كان عبد الله يروي لي هذه الوقائع، وكان يرويها بجدية تامة، لم أكن أستطيع أن أتوقف عن الضحك، والجالسون في المقهى كلهم التفتوا نحونا بفعل الفضول. وحينما استطعت أن ألتقط نفسي، قلت له:
- كلامك جميل وممتع، ولكنني حتى الآن لم أجد رابطاً بين هذه القصة وقصة إخوتك وأخواتك بالرضاعة الكثيرين.
قال: أنا وجهتُ السؤال نفسه لأمي. فوضعت الحق كله علي، وأوضحت لي ما كان يجري بحذافيره.. وهو أن الحواصيد كان لديهم وقت محدد يتناولون فيه الطعام. في هذه الفترة كانت المرحومة أمي تفتح الزوادة، وتتناول غداءها، ثم تُخرجني من الزوراعة وتجلس لتُرضعني. وعلى حسب ما روت لي أنني كنت، كلما جاءت لترضعني، ألتفت نحو الأطفال الذين تركتهم أمهاتهم قربي في (الزوراعات)، وأُضَيِّف كل واحد منهم رضعة أو رضعتين.. فأصبحوا إخوتي..
فهمت، بقى سيدي، شلون صارت الست أم برهوم زوجتي؟!
قلت: لا والله لم أفهم.
قال: والدة زوجتي لم تكن تذهب إلى الحصاد برفقة أمي. يعني ابنتها نجت من الرضاعة من أمي، وأما أنا فلم أنجُ منها. وتزوجتها. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سألتُه عن السبب الذي جعله يتأخر في طرح هذه القضية على بساط البحث حتى الآن، ولماذا لم يعاتب المرحومة أمَّه على هذا التصرف حينما كان أعْزَب؟ فأخبرني أنه عاتبها. وقال لها، مراعياً كونها أمَّاً، وأن الجنة تحت قدميها، بأنه لا يجوز لأم، مهما تكن معطاءة، أن تجعل ثدييها (سبيلاً)، يرضع منه اللي يسوى واللي ما يسواش من الأطفال، وتحرم أبناءها في المستقبل من نعمة اختيار فتاة أبوها ثري!
قلت: وماذا كان موقفها؟
قال: حطت الحق كله علي أنا.
قلت: حطت الحق عليك في أيش؟
قال: سأحكي لك القصة من أولها. حينما كنت أنا صغيراً كانت هي تذهب إلى الحصاد، لتساعد أبي بمصروف البيت، لأنه كان يعاني من وجع في ركبتيه. وكانت تضعني في الزوراعة (وهي قماشة تشبه المرجوحة تعلقها المرأة العاملة في رأسها ويتدلى ابنُها الرضيعُ إلى الأسفل وراء ظهرها). ولأن والدتي كانت قصيرة، فقد كان ظهري يصطدم بالحجارة، ويعلق به الشوك والعوصلان..
وحينما كان موكب الحواصيد يصل إلى الأرض التي تحتاج إلى حصاد كانت أمي تعلقني وأنا في جوف الزوراعة بشجرة تين عالية، وتباشر عملها. وكنت أبكي من الجوع ومن آلام الجروح التي أحدثتها الحجارة والأشواك في ظهري، وأظل أبكي حتى (أنشرط)، فلا ترد علي، لسببين، الأول هو أنها تكون وقتها منشغلة بالحصاد، والثاني أن سمعها كان ثقيلاً... بدليل أن أبي كان يصرخ في وجهها ويوبخها وكانت هي تنتظره حتى يفرغ من صراخه فتقول له: آ؟ أيش قلت؟
طوال ما كان عبد الله يروي لي هذه الوقائع، وكان يرويها بجدية تامة، لم أكن أستطيع أن أتوقف عن الضحك، والجالسون في المقهى كلهم التفتوا نحونا بفعل الفضول. وحينما استطعت أن ألتقط نفسي، قلت له:
- كلامك جميل وممتع، ولكنني حتى الآن لم أجد رابطاً بين هذه القصة وقصة إخوتك وأخواتك بالرضاعة الكثيرين.
قال: أنا وجهتُ السؤال نفسه لأمي. فوضعت الحق كله علي، وأوضحت لي ما كان يجري بحذافيره.. وهو أن الحواصيد كان لديهم وقت محدد يتناولون فيه الطعام. في هذه الفترة كانت المرحومة أمي تفتح الزوادة، وتتناول غداءها، ثم تُخرجني من الزوراعة وتجلس لتُرضعني. وعلى حسب ما روت لي أنني كنت، كلما جاءت لترضعني، ألتفت نحو الأطفال الذين تركتهم أمهاتهم قربي في (الزوراعات)، وأُضَيِّف كل واحد منهم رضعة أو رضعتين.. فأصبحوا إخوتي..
فهمت، بقى سيدي، شلون صارت الست أم برهوم زوجتي؟!
قلت: لا والله لم أفهم.
قال: والدة زوجتي لم تكن تذهب إلى الحصاد برفقة أمي. يعني ابنتها نجت من الرضاعة من أمي، وأما أنا فلم أنجُ منها. وتزوجتها. ولا حول ولا قوة إلا بالله.