02 سبتمبر 2024
رياضة... إهداء خسارة المباراة للقائد (9)
هي حكاية واقعية، رُويت أمامي، دون توثيق، ولكنني صَدَّقْتُها، لأنها شبيهة جداً بما يجري على أرض الواقع في سورية التي تحتلها عصابةٌ كبيرة وقوية اسمها عصابة الأسد.
في أواخر الثمانينات، تأهل ملاكم سوري ــ هكذا رويت لي الحكاية ــ إلى دورة ألعاب أولمبية أقيمت في كوبنهاغن عاصمة الدنمارك. وهذا التأهل منطقي، وواردُ الحدوث بالنسبة للألعاب الفردية، وأما الألعاب الجماعية فيستحيل أن يتأهل فريق سوري إلى بطولة عالمية، لأن ثلاثة أرباع لاعبي المنتخب يدخلون التشكيلة بالواسطة، ولا يجيدون اللعبة التي يختارونها..
في تلك الأيام، يعني بين أواسط الثمانينات وأواسط التسعينات، كانت معظم جوائز الأعمال الإبداعية وغير الإبداعية التي يحصل عليها سوريون تهدى لحافظ الأسد..
في سورية، يستحيل أن ينجز أحد شيئاً ويتركه مسجلاً على اسمه، وذات مرة فاز كاتب قصة قصيرة لم يكن أحد منا يعرفه بالجائزة الثالثة بمسابقة للقصة القصيرة أجراها المركز الثقافي بناحية اسمها "ضهر الكر"، وفي احتفالية تسليم الجوائز، حمل القاص العجيب الصندوق الذي يحتوي على هدية لا يتجاوز ثمنها مئتي ليرة سورية، ورفعه أمام الكاميرا وأعلن أنه يهدي هذا الفوز العظيم لحافظ الأسد.
الكوميديا الحقيقية ابتدأت عندما بدأت الجهات المختصة بتشكيل الوفد الذي سيذهب برفقة الملاكم، وقد بلغ عددهم، على ذمة الراوي، خمساً وخمسين شخصاً، بينهم خمسة أو ستة ضروريون كالمدرب، ومعاون المدرب، والطبيب والمدلك والمعالج وخبير الفك والأسنان، والباقي جماعة الفريق الإعلامي المخرج والمصور وحامل الكاميرا والسكريبت وعامل الكلاكيت وفني الصوت وفني الإضاءة، وكاتب التقارير الأمنية، والأحلى من هذا كله جمهور المشجعين، وفيه زوجة مسؤول لديها ابن يدرس في كوبنهاغن أرادت أن تمضي فترة الألعاب الأولمبية رفقته، يقبر قلبها، وابن مسؤول وخطيبته ذهبا ليمضيا شهر العسل في أوروبا وامرأة حامل أرادت أن تشتري ثياب البيبي من أوروبا... إلخ.
الأجمل هو أن ملاكمنا خسر المباراة في الجولة الأولى.. ووقتها جاء دور الوفد الإعلامي الذي سارع لمقابلته وهو بدوره أهدى الجولة الوحيدة التي خاض غمارها للقائد التاريخي.