02 سبتمبر 2024
رياضة... كسر رأس قلب الهجوم (2)
من حسن حظنا، نحن أبناء البلدات البعيدة في شمال سورية، أن ألعاب الكرات، الطائرة والسلة والقدم والمضرب، دخلت حياتنا، فألهتنا عن الألعاب الخشنة التي كنا نمارسها، طوال الوقت، غير آبهين بصحتنا وسلامتنا.. المهم بالنسبة لمَنْ هم في سن الشباب هو الحركة، وعدم المكوث في مكان واحد لمدة طويلة. هذا أمر طبيعي، لأن دماء الشباب، كما يقولون، حارة.
لعبنا، قبل ظهور ألعاب الكرات، بالـ(حاح). كنا نذهب إلى النجار ونطلب منه أن يصنع لنا قطعة خشب مبوزة من الطرفين، بحيثُ إذا وُضِعَتْ على الأرض، وضُربت بالعصا على أحد طرفيها تنط في الهواء، ثم يعاجلها اللاعب، أثناء نزولها، بضربة أفقية ترسلها إلى أقصى مسافة ممكنة، ونحن نلحق بها ركضاً لنرى أين نزلت بالضبط.. وقبل البدء باللعب يقول اللاعب الأول: حاح، فيجيبه الثاني مخك راح في طـ(...) الفلاح!.. ونضحك، ونتابع اللعب.
ومن ألعابنا الخشنة (القَوْمة)، وهي وقوف مجموعة لاعبين على نسق، وانتظار إشارة البدء للانطلاق نحو هدف معين مثبت على جدار، مَنْ يمسكه بيده أولاً يربح الماتش. وهذه اللعبة طَوَّرَها صديقنا "سعد الدين"، إذ سألنا ذات مرة:
- مين منكم قادر ياخد الإشارة برأسه عوضاً عن يده؟
الميزة الأساسية للشباب هو الجسارة، وقبول التحدي، لذلك لم يمانع أحد في التجريب، وبدأنا اللعب، وبعد بضع محاولات أصبحت واجهة صديقنا "نادر" مشوهة، ونبقت لـ"علي" نبيرة في جبينه، وتبرع اثنان من الشباب لإيصال "عبدو" إلى المستوصف حيث أخاط الطبيب المناوب مقدمة رأسه التي انشقت من قوة اصطدامه بالحجر الصلد الذي عُلِّقَت عليه الإشارة.
استفدنا من تلك اللعبة الخشنة درساً لن ننساه ما حيينا، وهو أن كل لاعب، حتى ولو كان لاعباً سياسياً، يحاول جر الآخرين إلى الملعب الذي يجيد اللعب فيه، ذلك أن "سعد الدين" الذي اقترح علينا استلام إشارة القَوْمة بالرأس كان يعرف إمكاناته جيداً، بدليل أنه هو الوحيد الذي بقي رأسه سالماً، ضاحكاً من الدماء التي تنفر من رؤوسنا نحن المخدوعين باقتراحه.. بل إنه، أثناء لعبه فترات طويلة، مستخدماً رأسه لنطح الجدار، أثبت لنا صحة المثل القائل: لا يفل الحديد إلا الحديد، أو: لا يكسر الحجر إلا الحجر.. وبالمناسبة، لقد أصبح "سعد الدين"، بعد دخولنا في عالم كرة القدم أفضل "قلب دفاع" عرفته الملاعب الترابية والحجرية التي لا تصلح للسير الهادئ عليها فما بالك باللعب؟..
سبب نجاحه في مركز قلب الدفاع أنه كان يتلقى الكرات الصعبة برأسه فيشتتها، وكان، إذا لاحظ أن فريق الخصم لديه قلب هجوم قوي ومهاري، يتقصد الاحتكاك معه بالرأس، وبمجرد ما يحصل الاحتكاك يُحْمَلُ قلب الهجوم على أكتاف رفاقه لتلقي الإسعافات الأولية خارج الملعب، وأما هو فيتابع اللعب كأن شيئاً لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه!
الميزة الأساسية للشباب هو الجسارة، وقبول التحدي، لذلك لم يمانع أحد في التجريب، وبدأنا اللعب، وبعد بضع محاولات أصبحت واجهة صديقنا "نادر" مشوهة، ونبقت لـ"علي" نبيرة في جبينه، وتبرع اثنان من الشباب لإيصال "عبدو" إلى المستوصف حيث أخاط الطبيب المناوب مقدمة رأسه التي انشقت من قوة اصطدامه بالحجر الصلد الذي عُلِّقَت عليه الإشارة.
استفدنا من تلك اللعبة الخشنة درساً لن ننساه ما حيينا، وهو أن كل لاعب، حتى ولو كان لاعباً سياسياً، يحاول جر الآخرين إلى الملعب الذي يجيد اللعب فيه، ذلك أن "سعد الدين" الذي اقترح علينا استلام إشارة القَوْمة بالرأس كان يعرف إمكاناته جيداً، بدليل أنه هو الوحيد الذي بقي رأسه سالماً، ضاحكاً من الدماء التي تنفر من رؤوسنا نحن المخدوعين باقتراحه.. بل إنه، أثناء لعبه فترات طويلة، مستخدماً رأسه لنطح الجدار، أثبت لنا صحة المثل القائل: لا يفل الحديد إلا الحديد، أو: لا يكسر الحجر إلا الحجر.. وبالمناسبة، لقد أصبح "سعد الدين"، بعد دخولنا في عالم كرة القدم أفضل "قلب دفاع" عرفته الملاعب الترابية والحجرية التي لا تصلح للسير الهادئ عليها فما بالك باللعب؟..
سبب نجاحه في مركز قلب الدفاع أنه كان يتلقى الكرات الصعبة برأسه فيشتتها، وكان، إذا لاحظ أن فريق الخصم لديه قلب هجوم قوي ومهاري، يتقصد الاحتكاك معه بالرأس، وبمجرد ما يحصل الاحتكاك يُحْمَلُ قلب الهجوم على أكتاف رفاقه لتلقي الإسعافات الأولية خارج الملعب، وأما هو فيتابع اللعب كأن شيئاً لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه!