زياد الرحباني: فلافل مصرية للبنان
- أأنت، ما تزال معجباً بزياد الرحباني، وتحبه؟
وكان الجواب، تلقائياً: نعم. أصلاً أنا لا أستطيع إلا أن أحبه، "زياد" الساخر الهزلي الجميل. الحب ليس أمراً منطقياً، ولا يمكن تعريفه بسطرين، ولكن، إذا أصر مَنْ يريد امتحاني على تقديم الأسباب، فأنا قادر أن أملأ له صفحتين، بدلاً من السطرين، أهمها أن زياداً كان، وما زال، يمتلكُ ما يكفي من الحرية ليتحدث بما يريد، وقتما يريد، في وجه من يريد، معي أو ضدي.. وأنا، حينما يكون زياد معي يسرني ذلك، وحينما يكون ضدي أستطيع أن أغفر له ذلك، وأقبل برأيه وموقفه حتى ولو وجدتُه في مكان لا يختلف اثنان على أنه خاطئ.. إذ هل يعقل أن يؤيد هذا الفنانُ المتحررُ الكبير شخصاً أو حزباً أو تياراً راديكالياً يقوم أساساً على قتل حريات الآخرين؟ وهل يمكن لعلماني صريح كزياد أن يتعاطف مع فكر مذهبي متعصب وضيق؟ (لنتذكر لقاء زياد الشهير في برنامج خليك بالبيت مع زاهي وهبي حينما قطع علاقته بالأديان كلها).
زياد مغامر فني من طراز فريد.. مغامر في كل شيء، فمع أنه من أقدر الناس على تأليف العتابا، تراه يقول أحياناً: بدي قول بيت عتابا ضروري، مكسور، داخل له فرنساوي لأنو. ثم يأتيك بالبيت الذي مارس مزيداً من المعلمية حتى استطاع أن يكسر وزنه: عَنْدُنْ بإسمي سبع ملفات، صار لي سنين أي والله ما لفيت، غير الفقير صدقاً ما لفيت، لشو إذن بحقي كل هالإرهاب؟..
ومع أن زياد موسيقار كبير جداً، أعني من الناحية التقنية، ويستطيع أن يأتي بأجمل الأصوات وأعذبها لتغني معه، إلا أنه كان، في بدايات الحرب الأهلية، يشارك الفنان "جاك خليل شمعون" ذا الصوت غير العذب بتأدية الأغنية الهزلية "اختلط الحابل بالنابل".. وحقيقةً أن الغناء الهزلي لا يحتاج إلى أصوات عذبة، مع أن أصحاب الأصوات العذبة كفيروز وجوزيف صقر يستطيعون تأدية الأغاني الكوميدية.
في أغنية "اختلط الحابل بالنابل" يغني جاك وزياد:
- وزوزو يقلّو لأنطون، وعبدو يقلو لمخايلْ، حافظ غَيَّرْ فكرو وصار، جيشو عَ جونه نازل.. م الجرد العالي م السهلْ، ومن جبالك للساحلْ، سورية بتبعت لك رَدْعْ، ومصر بتبعت فلافل..
(أخي زياد: نحيطكم علماً أن الحابل ما يزال مختلطاً بالنابل حتى تاريخه).