02 سبتمبر 2024
سيارات سورية أسدية (10)
حديثُنا عن عالم السيارات السورية الأسدية - خلال جلسات "الإمتاع والمؤانسة" - من النوع الذي يجر بعضُه البعض، ويأخذ بعضه برقاب بعض، وتتخللُه، في الوقت ذاته، فصولٌ أخرى لها علاقة بالتهريب، والتلاعب بأسعار المواد، واستغلال المواطن الغلبان من قِبَلِ الدوريات الأمنية وقطعان الشَبّيحة..
ولكننا نحاول، قدر الإمكان، الابتعاد عن الحكايات المؤلمة، ونظراً لأن معظم حكايات السوريين مؤلمة، فإننا نسعى إلى تقديمها بطريقة فكهة. وعندما تكون شهيةُ صديقِنا "أبو الجود" مفتوحة على الكلام ترانا نُفسح له المجال ليحكي على سجيته، ويسترسل، باعتبار أنه الأقدرُ بيننا على صياغة الحكايات بطريقة مضحكة، وفي بعض الأحيان تستهوينا حكاية ما، فيغلبنا الفضول لمعرفة خاتمتها، ونتابع سرد أحداثها حتى ولو كانت خارج سياق الحديث الأساسي.
قال أبو ماهر مخاطباً "أبو الجود":
ولكننا نحاول، قدر الإمكان، الابتعاد عن الحكايات المؤلمة، ونظراً لأن معظم حكايات السوريين مؤلمة، فإننا نسعى إلى تقديمها بطريقة فكهة. وعندما تكون شهيةُ صديقِنا "أبو الجود" مفتوحة على الكلام ترانا نُفسح له المجال ليحكي على سجيته، ويسترسل، باعتبار أنه الأقدرُ بيننا على صياغة الحكايات بطريقة مضحكة، وفي بعض الأحيان تستهوينا حكاية ما، فيغلبنا الفضول لمعرفة خاتمتها، ونتابع سرد أحداثها حتى ولو كانت خارج سياق الحديث الأساسي.
قال أبو ماهر مخاطباً "أبو الجود":
- أنا بصراحة حابب أعرف كيف تركتْ الشغلْ على السيارة (الميكروباص) اللي بيمتلكها ضابط المخابرات.
قال أبو الجود: على راسي، الحقيقة إنه الضابط كان بيعرفْ إني عم اسرقْ من الغلة، وإني عم اشتغلْ في بعض الأوقات بتهريب كمياتْ زغيرة من الرز والسكر من بلدة "حسيا" القريبة من الحدود اللبنانية، لاكنْ أنا رجل حويطْ، وحاسبْ حسابْ لكل أسئلتُه، وفي المحصلة ما قِدِرْ يضبطني وأنا عم اسرق وأهَرّبْ.. وبوقتها لجأ للطريقة التقليدية.
قال أبو جهاد مستبشراً وشامتاً: ها ها. الطريقة التقليدية. يعني حطوك في الدولاب ورفعوك فلقة. صح؟
قال أبو الجود: لا والله، مو صح.
وأضاف موضحاً: الفلقة يا شباب بيستخدموها في فروع المخابرات للاستقبال والضيافة. يعني، مثلاً، واحد بيكون داخلْ ع الفرعْ لأولْ مرة، بيقول المحقق لجماعة التعذيب: ضَيّفُوه دولاب. أو: اعملوا له "دولابْ أهلا وسهلا"، وبعدها جيبوا لي إياه على مكتبي. يا إما بيكون الدولاب للتعارُفْ. يعني إذا واحدْ معتقل جديد، وما عندُه فكرة عن طريقة عمل المخابرات، بيعملوا له دولاب (دُوْقَة). يعني بيخلوه يدوقْ الفَلْقة لحتى ما يلتبس عليه الأمر ويظنّْ إنه مدعو لمراجعة فرع المخابرات العسكرية في سويسرا! أما عملية نزع الاعترافات من المعتقل فالدولاب ما بيناسبها. لأنه ممكن الواحد يتحمل دولابين أو تلاتة وما يعترف، وبالنسبة إلي، كان قرار الضابط إني لازم اعترفْ مهما كانت الأسباب ومهما طال الزمن. والحقيقة أنا بعرف هالشي، لذلك أنا من لما نَزَّلُوني عَ القبو اعترفت، وسألتهم إنه إذا بيحبوا يكونْ الاعترافْ خطي، وأنا جاهز للتوقيع والبصمة بالباهمْ.
قال أبو محمد: اعترفت بالسرقة والتهريب؟
قال أبو الجود: نعم، بالسرقة والتهريب، واعترفت كمان بإني مرة من المرات أخدت الميكروباص في الليل من دون علم الضابط، ونقلت فيه نسوان مدعوات لعرس في بلدة كفرتخاريم، وأخدت أجرة النقلة وحطيتها في جيبي. وبعدما نزلوا النسوانْ من الميكرو كنت مفكر ارجع على إدلب، لاكنْ أجا خالْ العَرّيس وعزمني على عرس الرجال، وأنا قبلت الدعوة فوراً لأني كتير بحب الأعراسْ، ولما دعوني عَ الرقص العربي، مسكتْ الشملة ووقفت في راس الدبكة، وكانت رقصتي مميزة لأني أنا من صغري بحب الرقص، ولما سلطنتْ وبلشتْ أنزلْ لتحتْ وإطلع لفوق وإضرب قدمي بالأرض صاروا النسوان القاعدات ع السطح يزلغطوا لي، والرْجَالْ صاروا يقوسوا في الهوا..
قال أبو إبراهيم: وجماعة الأمن العسكري عرفوا قديش المبالغ اللي حضرتك سارقها من الغلة؟
قال أبو الجود: صعب كتير يعرفوا، لأني أنا نفسي ما بعرف. كنت اسرق وإصرف على نفسي وعلى عيالي من دون ما أحسب حسابْ لشي.. ولما سألني الضابط: شقد سرقت ولاك؟ قلت له: والله كتير، لاكن ما بعرف المبلغ بدقة. وقبلما يحكي شي قلت له: طول بالك خليني ألَخّصْ لك الموقف وأعطيك من الآخر.. ترى أنا ما راح أرجّعْ لك أي شي من الأموال اللي سرقتها، لأني ما معي مصاري حالياً، وما راح يصير معي مصاري في المستقبل، وما عندي شي ينباع، أو ينحجزْ عليه، وإذا حبستني عندك ما راح تستفيد شي.. وجنابَكْ بتعرف إنه المرأة (الزوجة) لما جوزها بينحبس بتحاول تدفع مصاري ورشاوي لحتى تسترده، لاكنْ أختكم أم الجود مو من هالنوعً أبداً، بالعكس يمكن تفرح لما بتعرف إني قاعد عندكم في الفرع وعم إتعرض للضرب والإهانة، يعني في كل الأحوال ما راح تطالبك فيني ولا راح تدفع قرش منشاني.. خيو، بتحب انصحك نصيحة لوجه الله؟ قال: الله يلعنك ويلعن نصايحك. قول تَـ أشوف. قلت له: اعتبر المبالغ اللي سرقتْها أنا من غلة الميكروباص خسائر حربية، وإنساها. وقتها شقلني بنظرة من فوق لتحت وقال لي: خلص ما بدي منك شي. بس هلق الشباب راح يعملوا لك دولاب وداعة! وهادا اللي صار، أكلت قتلة في الدولاب، ورحت ع البيت، وقعدت شي شهرين عواطلي، وبعدها لقيت شغل ع سيارة شاحنة.. وصارت معي أثناء الشغل ع الشاحنة قصص كتيرة، ذكروني في سهرة قادمة لأحكي لكم إياها، وأكيد راح تتسلوا وتستأنسوا.
قال أبو الجود: على راسي، الحقيقة إنه الضابط كان بيعرفْ إني عم اسرقْ من الغلة، وإني عم اشتغلْ في بعض الأوقات بتهريب كمياتْ زغيرة من الرز والسكر من بلدة "حسيا" القريبة من الحدود اللبنانية، لاكنْ أنا رجل حويطْ، وحاسبْ حسابْ لكل أسئلتُه، وفي المحصلة ما قِدِرْ يضبطني وأنا عم اسرق وأهَرّبْ.. وبوقتها لجأ للطريقة التقليدية.
قال أبو جهاد مستبشراً وشامتاً: ها ها. الطريقة التقليدية. يعني حطوك في الدولاب ورفعوك فلقة. صح؟
قال أبو الجود: لا والله، مو صح.
وأضاف موضحاً: الفلقة يا شباب بيستخدموها في فروع المخابرات للاستقبال والضيافة. يعني، مثلاً، واحد بيكون داخلْ ع الفرعْ لأولْ مرة، بيقول المحقق لجماعة التعذيب: ضَيّفُوه دولاب. أو: اعملوا له "دولابْ أهلا وسهلا"، وبعدها جيبوا لي إياه على مكتبي. يا إما بيكون الدولاب للتعارُفْ. يعني إذا واحدْ معتقل جديد، وما عندُه فكرة عن طريقة عمل المخابرات، بيعملوا له دولاب (دُوْقَة). يعني بيخلوه يدوقْ الفَلْقة لحتى ما يلتبس عليه الأمر ويظنّْ إنه مدعو لمراجعة فرع المخابرات العسكرية في سويسرا! أما عملية نزع الاعترافات من المعتقل فالدولاب ما بيناسبها. لأنه ممكن الواحد يتحمل دولابين أو تلاتة وما يعترف، وبالنسبة إلي، كان قرار الضابط إني لازم اعترفْ مهما كانت الأسباب ومهما طال الزمن. والحقيقة أنا بعرف هالشي، لذلك أنا من لما نَزَّلُوني عَ القبو اعترفت، وسألتهم إنه إذا بيحبوا يكونْ الاعترافْ خطي، وأنا جاهز للتوقيع والبصمة بالباهمْ.
قال أبو محمد: اعترفت بالسرقة والتهريب؟
قال أبو الجود: نعم، بالسرقة والتهريب، واعترفت كمان بإني مرة من المرات أخدت الميكروباص في الليل من دون علم الضابط، ونقلت فيه نسوان مدعوات لعرس في بلدة كفرتخاريم، وأخدت أجرة النقلة وحطيتها في جيبي. وبعدما نزلوا النسوانْ من الميكرو كنت مفكر ارجع على إدلب، لاكنْ أجا خالْ العَرّيس وعزمني على عرس الرجال، وأنا قبلت الدعوة فوراً لأني كتير بحب الأعراسْ، ولما دعوني عَ الرقص العربي، مسكتْ الشملة ووقفت في راس الدبكة، وكانت رقصتي مميزة لأني أنا من صغري بحب الرقص، ولما سلطنتْ وبلشتْ أنزلْ لتحتْ وإطلع لفوق وإضرب قدمي بالأرض صاروا النسوان القاعدات ع السطح يزلغطوا لي، والرْجَالْ صاروا يقوسوا في الهوا..
قال أبو إبراهيم: وجماعة الأمن العسكري عرفوا قديش المبالغ اللي حضرتك سارقها من الغلة؟
قال أبو الجود: صعب كتير يعرفوا، لأني أنا نفسي ما بعرف. كنت اسرق وإصرف على نفسي وعلى عيالي من دون ما أحسب حسابْ لشي.. ولما سألني الضابط: شقد سرقت ولاك؟ قلت له: والله كتير، لاكن ما بعرف المبلغ بدقة. وقبلما يحكي شي قلت له: طول بالك خليني ألَخّصْ لك الموقف وأعطيك من الآخر.. ترى أنا ما راح أرجّعْ لك أي شي من الأموال اللي سرقتها، لأني ما معي مصاري حالياً، وما راح يصير معي مصاري في المستقبل، وما عندي شي ينباع، أو ينحجزْ عليه، وإذا حبستني عندك ما راح تستفيد شي.. وجنابَكْ بتعرف إنه المرأة (الزوجة) لما جوزها بينحبس بتحاول تدفع مصاري ورشاوي لحتى تسترده، لاكنْ أختكم أم الجود مو من هالنوعً أبداً، بالعكس يمكن تفرح لما بتعرف إني قاعد عندكم في الفرع وعم إتعرض للضرب والإهانة، يعني في كل الأحوال ما راح تطالبك فيني ولا راح تدفع قرش منشاني.. خيو، بتحب انصحك نصيحة لوجه الله؟ قال: الله يلعنك ويلعن نصايحك. قول تَـ أشوف. قلت له: اعتبر المبالغ اللي سرقتْها أنا من غلة الميكروباص خسائر حربية، وإنساها. وقتها شقلني بنظرة من فوق لتحت وقال لي: خلص ما بدي منك شي. بس هلق الشباب راح يعملوا لك دولاب وداعة! وهادا اللي صار، أكلت قتلة في الدولاب، ورحت ع البيت، وقعدت شي شهرين عواطلي، وبعدها لقيت شغل ع سيارة شاحنة.. وصارت معي أثناء الشغل ع الشاحنة قصص كتيرة، ذكروني في سهرة قادمة لأحكي لكم إياها، وأكيد راح تتسلوا وتستأنسوا.