ضفائر الحرب: قصة شعر وصمود
بشيء من الكوميديا السوداء، تبدأ أختي الصغيرة بإطلاعي على آخر الأخبار، في الحقيقة خبر لم أكن أتوقعه هو ليس بحدث جلل في ظل كل ما يعيشه أهل غزة اليوم، ولكنه وقر بنفسي لأني أعرف أنه جلل بالنسبة لشهد، أصغرنا، بهجة بيتنا وروحها، حبيبتنا، عفروتو الصغيرة كبرت اليوم وأصبحت فتاة شابة كعود الريحان، تحب الحياة ما استطاعت إليها سبيلا، فقدت ضفائرها في هذه الحرب اختيارا وتضحية، كان شعرها الطويل يتدفق كشلالات من نور، يعكس روحها الحرة ويمثل جزءاً لا يتجزأ من هويتها وأنوثتها.
رمزاً لدلعها وفتوتها في عالم يصعب فيه العثور على لحظات الفرح والبهجة، ولكن في لحظة قاهرة، وجدت أختي نفسها أمام قرار صعب؛ فالماء النادر والظروف الصعبة فرضت عليها توديع جزء من روحها، توديع شعرها الطويل الذي لطالما كان مصدر فخرها وتعلقها. بيدين مرتجفتين وقلب يغمره الأسى، قصت ضفائرها، تلك الضفائر التي كانت دوماً مصدر بهجتها.
هذه اللحظة، بقدر ما كانت مؤلمة، إلا أنها كانت أيضاً شاهدة على القوة والإرادة التي تتحلى بها نساء غزة وفلسطين. ففي يوم المرأة العالمي، تبرز قصة أختي كتذكير بأن الجمال لا يكمن في طول الشعر أو في المظاهر الخارجية، بل في الشجاعة والقوة التي تحملها النساء في قلوبهن، حتى في أقسى الظروف. إن معاناة نساء غزة وفلسطين تتجاوز الصور النمطية والقصص المعتادة عن الحرب والدمار. إنها قصص عن التحدي والصمود، عن الحب والأمل الذي ينبت من تحت الأنقاض.
في يوم المرأة العالمي دعونا نحتفي بشجاعة وقوة نساء غزة وفلسطين، اللاتي يواجهن الحياة بقلوب مليئة بالأمل والإيمان بأن العدالة والنصر سيزهران يوماً على أرضهن
فرغم الاحتلال والحصار، تستمر هؤلاء النساء في كتابة فصول من الشجاعة والعزيمة، مؤكدات أن الروح الإنسانية لا يمكن كسرها بسهولة. نشهد أيضاً على قدرتهن على التكيف والمقاومة. يصبح الشعر الذي قُص ليس فقط رمزاً للخسارة، بل أيضاً شعاراً للإصرار والتجدد والأمل في أن الغد سيكون أفضل.
حتى اللحظة، أكاد لا أصدق أن حبيبة قلبي شهد تعيش في أصعب الظروف التي يمكن أن يمر بها إنسان، قص شعرها كان إحدى المحطات التي تثبت قدرتها على التكيف والمقاومة.
في كل مرة أتحدث إلى أختي، أرى روحاً لا تُقهر، تعيد تعريف معنى الأنوثة والقوة في أحلك الأوقات. إن قصتها دعوة للتفكير والتأمل في معاناة وكفاح النساء في غزة وفلسطين، وتذكير بأن الحرب لا تستطيع محو الهوية والكرامة والجمال الذي ينبع من الداخل.
في يوم المرأة العالمي، دعونا نحتفي بشجاعة وقوة نساء غزة وفلسطين، اللاتي يواجهن الحياة بقلوب مليئة بالأمل والإيمان بأن العدالة والنصر سيزهران يوماً على أرضهن. دعونا نرفع أصواتنا معاً لدعم حقهن في حياة كريمة ومستقبل أفضل، حيث الجمال يُقدَّر بمعايير الروح والقلب، لا بطول الشعر أو مظهر.