فلسطين... قضية نصر لا شك فيه
لقد باتت حرية الشعب الفلسطيني أمرًا محسوماً، لا يبعدنا عنه سوى موعد قد كُتب في علم الغيب، وها هي المقاومة تذود عن شرف أمتنا وتُشيّع الرواية الإعلامية الصهيونية إلى مثواها الأخير بعد زعزعة أسسها الهشّة.
فهذا الكيان المجرم بات يحتضر، وما اشتداد إرهابه وإقباله الملحّ على وسائل العنف الكولونيالي، إلا أكبر دليل على اقتراب نهايته المحتمة. كما أنّ هذا التمويل الأميركي للإرهاب، والذي يرتكبه جيش الاحتلال الصهيوني في غزة وكامل فلسطين، ليس سوى علامة على فشل المشروع الصهيوني في أن يخلق لنفسه صورة لدولة مستقلة تزعم أنّ لها مشروعية أخلاقية وسيادة جيوسياسية.
تمكّن الكيان الصهيوني من هدم تلك الصورة المفبركة التي قُضي لها أن تُهشّم خلال أقل من أسبوع منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وذلك بعد أن خصّص هذا الكيان الفاشي جزءاً كبيراً من ميزانيته لتلقين الطلبة الجامعيين "الهاسبارا" الصهيونية ودعمهم ماديا لكي يدافعوا عن الكيان ويروّجوا للرواية الصهيونية في جامعاتهم ومؤسساتهم الأكاديمية. ورغم كلّ هذا الاهتمام والحذر الذي يحيط به الكيان الصهيوني صورته في المجتمع الدولي، فإنّ الرواية الإعلامية التي تخلق سمعته في الغرب، قد باتت هي الأخرى، في اندحار غير مسبوق، إذ أصبح المواطن الغربي يسأل وينقّب، بل ويطالب وسائل الإعلام في بلاده بأدلة ملموسة على مزاعمه ومصادره الإخبارية.
نرى اليوم بوضوح لا شك فيه، أنّ الكيان الصهيوني قد خسر الحرب الإعلامية في عقر داره وساحة معركته، فها هي المنصات الإعلامية الكبرى والأكثر شهرة في الولايات المتحدة الأميركية تجد نفسها عرضة لانتقادات لاذعة بسبب دعمها اللامشروط للكيان الغاصب وترديدها للرواية الصهيونية الكاذبة، وها هو الشعب الأميركي يعبّر عن استنكاره المشاركة الأميركية في جريمة التطهير العرقي التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزة الصامدة.
إذا كان أحبّاء الله في غزة صامدين محتسبين، بل وطامعين في الشهادة، فكيف لنا، ونحن لم نطأ تلك الأرض الطيبة قط، أن نفقد الأمل في التحرير ونستسلم للتشاؤم
يسعنا أن نقول اليوم، وبكلّ ثقة إنّ الكيان الصهيوني قد فشل في التوغل داخل العقل العربي، وذلك بغضّ النظر عن فرضه وجوداً دبلوماسياً في أوطاننا، وبمباركة أنظمتنا الرجعية. لقد أبان الشعب العربي الأبي عن بسالة يُضرب بها المثل في دفاعه عن قضية الأمة، فلا شك أنّ المظاهرات التي شهدتها مدن عديدة في الوطن العربي دعماً لغزة الصامدة في مقاومتها المباركة هي خير دليل على أنّ شعبنا العربي لم يفقد بوصلة قيمه بعد، وأنّه لا يزال على وعده الأول، وعد الأسلاف والأجداد.
إنّ إيماني بالنصر المحتّم نابع من أعماق فؤاد مطمئن ومؤمن بالعدالة الإلهية، وبمدى التزام محور المقاومة بحرب نصر، هم أدرى بشعابها، ثم إنّ ثبات أهلنا في غزة وصبرهم أمام مصاب الفقد والدمار، لهي بشارات من بشائر الخير. إذا كان أحبّاء الله في غزة صامدين محتسبين، بل وطامعين في الشهادة، فكيف لنا، ونحن لم نطأ تلك الأرض الطيبة قط، أن نفقد الأمل في التحرير ونستسلم للتشاؤم، وهو ما يتوق له العدو بشدة؟
لا يحتاج الحق لأساطيل من الإعلاميين المدفوعين، ولا لجيش من صانعي المحتوى الرقمي ليدافع عن مشروعيته الأخلاقية والمنطقية، فقد وقع الكيان الصهيوني في كمين كان قد نصبه لنفسه حتى سقط فيه سهوا، بعد أن كان لحملات التشهير والترهيب لأنصار القضية الفلسطينية مفعول عكسي.
اليوم لم يعد يحول بيننا وبين قول الحق، لا خوف من اللوبي الصهيوني ولا تهديد بالفصل أو الطرد، فكلّما ازدادت أساليب الترهيب أصبحت النفوس أكثر تمسّكا بالحق واستنكارا للباطل. ولكن هذا لا يعني أنّ حربنا الإيديولوجية والإعلامية قد انتهت، فالعدو لا يزال يبحث عن مبرّرات للمجازر التي يرتكبها، ولا يزال يسعى لتزوير الحقائق التاريخية في محاولة بائسة لانتزاع حق المقاومة من أهلنا في غزة الصامدة. علينا إذن، أن نوحّد جهودنا لتفنيد الأكاذيب التي يروّج لها الكيان الصهيوني، وهو أقل ما يمكننا فعله في سبيل قضيتنا. ثم إنّ وحدتنا هي في حدّ ذاتها مقاومة لهذا الكيان الهادف إلى تقسيم أوطاننا إلى دويلات عديدة، حتى يتسنّى له أن يقيم مشروعه التوّسعي على أراضينا.