ما هي شركة فاغنر الأمنية؟
منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، يتفاعل الرقميون الموالون للحلف الروسي في المنطقة مع المواد التفاعلية من فيديوهات وصور وأخبار عن مجموعة فاغنر الروسية، مظهرين إياها كمجموعة خارقة القوّة، كما يتفاخرون بالتشبّه بها، بل ويذهب البعض منهم إلى اعتبارها تُمثّلهم.
بعد سقوط وتفكّك الاتحاد السوفييتي، تمّ تسريح عدد كبير من العسكريين والأمنيين الذين اتجهوا إلى تأسيس شركات أمنية وعسكرية، ومنها شركة أوريل لمكافحة الإرهاب التي تأسّست على يد أفراد متقاعدين من القوات الخاصة الروسية في مدينة أوريل عام 2003. وكان الكرملين نفى أي معرفة بـ "أوتكين" بداية تأسيس الشركة، لكن ما لبث أن تغيّر المشهد بعد ظهور أوتكين في حفل استقبال، أُقيم في الكرملين خلال شهر سبتمر/ أيلول 2016.
وفي العام 2014 أسّس ضابط الاستخبارات العسكرية السابق، ديمتري أوتكين، المولود في عام 1970 شركة فاغنر على اسم الموسيقار الألماني الشهير ريتشارد فاغنر.
بعد سقوط وتفكّك الاتحاد السوفييتي، تمّ تسريح عدد كبير من العسكريين والأمنيين الذين اتجهوا إلى تأسيس شركات أمنية وعسكرية
بدأ نشاط "فاغنر" للمرّة الأولى في مارس/ آذار 2014 في شرق أوكرانيا، في الوقت الذي كان فيه الكرملين بحاجة الى خوض الحرب هناك بشكلٍ سرّي نتيجة ضعوط المجتمع الدولي، فنشطت الشركة ونفذّت عمليات عسكرية وأمنية مُتعدّدة في جزيرة القرم ودونباس ولوهانسك حيث خاضت معارك ضارية ضد القوات الأوكرانية. وفي العام نفسه، ارتبط اسم رجل الأعمال الروسي، يفغيني بريغوجين، بفاغنر، بعدما انتشر مقطع على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه، وهو يجنّد سجناء في سجن روسي للقتال في مجموعة فاغنر على الجبهة الأوكرانية. وتبع ذلك منشور آخر على حساب شركته، كونكورد، في منصات التواصل الاجتماعي، أكّد فيه تأسيسه لمجموعة فاغنر حيث ورد في بيانه : "الآن أقدم إليكم اعترافا (..)، هؤلاء الرجال الأبطال دافعوا عن الشعب السوري وشعوب عربية أخرى والأفارقة والأميركيين اللاتينيين المعدومين، لقد أصبحوا إحدى ركائز أمتنا".
بريغوجين هذا أحد المُقرّبين جداً من بوتين، والذي يوصف من طرف وسائل الإعلام الغربية بـ"طباخ" الرئيس الروسي، وهو من مدينة سان بطرسبرغ الروسية، التي عُرف بها في مرحلة من سنوات شبابه كمنحرف، حكم عليه بالسجن 12 عاما، قضى منها عشر سنوات بتهم تتعلّق بالسرقة والانتماء إلى عصابة، ومع انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991، وظهور نظام جديد في روسيا، حاول استغلال الفرص المتاحة للعمل في التجارة.
وفي العام 2015 بدأت مجموعة فاغنر العمل في سورية، حيث قاتلت إلى جانب القوات الموالية لنظام بشار الأسد ومليشياته، وعملت أيضاً على حراسة حقول النفط، كما نشطت المجموعة في ما بعد في ليبيا خلال العام 2016 ودعمت القوات الموالية للقائد العسكري، خليفة حفتر، وجندّت، واستقطبت شباباً من سورية للقتال معها، ويُعتقد أنّ ما يصل إلى ألف مرتزق من "فاغنر" شاركوا قوات حفتر في الهجوم الذي شنته على الحكومة الرسمية في طرابلس عام 2019، كما دعيت مجموعة فاغنر إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عام 2017 لحراسة مناجم الماس. كما ورد في تقارير إعلامية معلومات تفيد بأنّ المجموعة تنشط كذلك في السودان، حيث تعمل على حراسة مناجم الذهب، ويرتبط هذا النشاط بالعمليات التجارية والصفقات السوداء. وفي مطلع العام 2022، تحدّثت تقارير أوروبية عن لجوء المجلس العسكري في مالي للاستعانة بنحو 400 عنصر من مرتزقة شركة فاغنر الروسية.
في العام 2015 بدأت مجموعة فاغنر العمل في سورية، حيث قاتلت إلى جانب القوات الموالية لنظام بشار الأسد ومليشياته
بعد الإعلان الروسي عن الحرب في أوكرانيا وبدء العمليات العسكرية، استُدعيت فاغنر للمشاركة في الحرب لمساندة القوات الروسية وتنفيذ بعض العمليات الخاصة، وضمن نفس سياسة استقطاب المقاتلين المُرتزقة من مختلف الدول، عملت على استقطاب مقاتلين من بعض الدول العربية، وتحديداً سورية، وانتشرت مؤخراً لوائح بأسماء شباب سوريين تمّ تجنيدهم لصالح فاغنر مقابل بدلات مالية.
وخلال شهر مايو/ أيار الماضي نشرت صحيفة "ذا غارديان" تفاصيل تقرير سرّي للأمم المُتحدة عن انتهاكات مجموعة فاغنر، ويرجّح المحققون أنّ الأخيرة زرعت عبوات ناسفة في دمى الأطفال، فضلاً عن التقارير الأخرى التي تتحدّث عن انتهاكات المجموعة وممارساتها الوحشية من قتل وعنف واغتصاب.
نعم هذه هي المجموعة التي يتباهى فريق وجمهور متفاعل على المنصات التواصلية الرقمية بها وبإنجازاتها وبطولاتها بحسب وصفه، المجموعة التي قتلت الشعب السوري والليبي وتستمر بقتل الشعب الأوكراني، إضافةً إلى أعمالها وجرائمها في بعض الدول الأفريقية.