مباراة سلة (خلطة بيطة)
صديقي الأديب إياد جميل محفوظ كان لاعب كرة سلة مشهوراً في سورية قبل 35 سنة. وكان قوي البنية إلى حد أنهم لقبوه (أبو حديد)... في سنة 2013 أصدرنا، إياد وأنا، كتاباً ساخراً مشتركاً يحمل عنوان (المستطرف الليلكي) هذه واحدة من حكاياته:
إياد:
كنت أحد لاعبي نادي الاتحاد (حلب الأهلي) بطل سورية بكرة السلة حين وُجهت إلى نادينا دعوةٌ للمشاركة في دورة رياضية ستقام في ليبيا ضمن احتفالات أعياد الفاتح من سبتمبر (أيلول) عام 1980.
شعرنا بسعادة لا توصف بسبب هذه الدعوة العظيمة، فقد كان فريقُنا هو الفريق العربي الوحيد الذي شُرِّف باختياره لخوض غمار هذه الدورة العظيمة.. فضلاً عن أنها ستتيح لنا زيارة بلد المناضل الكبير عمر المختار التي غدت- الآن- جماهيرية العقيد معمر القذافي الذي وصفه جمال عبد الناصر ذات يوم بأنه يرى فيه شبابه!!!.. إضافة إلى أن هذه الدورة ستوفر لنا مقابلة فرق كبيرة تتمتع بسمعة طيبة ومستوى رفيع من دول أوروبية عريقة بلعبة كرة السلة كاليونان وإيطاليا ويوغوسلافيا.. وتجعلنا نطَّلع على مستوى كرة السلة الليبية.
سارت الأمور بشكل طبيعي ورائع في اليومين الأوليين، ولعبنا مباريات قوية مع الفرق الأوربية، وحققنا نتائج جيدة.
إلا أن ما حصل في اليوم الثالث لم يكن متوقعاً على الإطلاق.. ففي هذا اليوم كان موعد اللقاء مع الفريق الليبي وفق البرنامج المعد سلفاً للدورة.
نزلنا، نحن أعضاء الفريقين، إلى أرض الملعب قبل عشرين دقيقة، كما جرت العادة، للقيام بعملية الإحماء استعداداً للمباراة.. وقبيل بداية اللقاء بدقائق قليلة حدثت المفاجأة التي لا يمكن أن تخطر ببال.. إذ ظهر، على حين غرة، رجلٌ بدا غريباً عن أجواء المباراة.. عرفنا فيما بعد أنه أحد قادة "اللجان الثورية الليبية".
تقدم الرجل نحو وسط الملعب.. نادى الحكام ومدربي ولاعبي الفريقين بصوت جهوري للتحلق حوله وسط الميدان.. ثم خاطبنا، بنبرة واثقة، حاسمة، موضحاً أنه لا يجوز على الإطلاق أن يتبارى (يتخاصم) فريقان عربيان!!.. ومن أشد أسباب العار أن يحدث هذا على تراب الجماهيرية العظمى!
ثم توالت المفاجآت حين طلب الرجل من لاعبي فريقنا أن يخلعوا قمصانهم الحمراء.. ومن أفراد الفريق الليبي أن ينزعوا قمصانهم الخضراء.. وبعد ذلك أمر لاعبي الفريقين أن يختلطا فيما بينهم.. ومن ثم صنع من المزيج فريقين عربيين جديدين بحلة غريبة عجيبة.. على نحو أصبح فيه كل فريق من الفريقين يتكون أفراده من اللاعبين السوريين واللاعبين الليبيين مناصفة!
وهكذا بدأت المباراة أمام جمهور فاضت روحُه بالمرح وتراقصت على شفاهه الضحكات الساخرة..
وشعرنا، حينذاك، أننا غدونا دمى بلهاء تقوم بأداء عرض هزلي!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب المستطرف الليلكي 2013