سيادة الرئيس..إفرض مثلاً مثلاً يعني
خرج رئيس النظام السوري، منذ اندلاع الثورة عام 2011 من "جحره" مرتين، الأولى لموسكوعلى متن طائرة شحن، في أكتوبر 2015 وقت قدم ثروات سورية ومصيرها، هدية لحليفه بوتين، كرمى البقاء على الكرسي ومساعدته بقتل الثورة وهزيمة الثوار، والثانية في 20 نوفمبر الجاري، وقت ارتمى على صدر فلاديمير بوتين، كطفل يشكو ويشكر بآن.
وأخذت زيارة منتجع سوتشي الأخيرة، من التهكم والقراءات، ما لم تحظ به الأولى، إذ ربما لقرب انتهاء الصراع المسلح، وما تناقلته وسائل إعلام دولية، بمقدمتها القناة العاشرة الإسرائيلية، من أن "بشار الأسد آخر رئيس علوي بسورية" أو لما يخطط له من تقاسم نفوذ المحتلين لسورية، هي بعض أسباب "شهرة الزيارة" والتي ربما ما لم يقل ويعلم فيها وعنها، كان أعظم.
قصارى القول: بعيداً عن التكهنات وما يمكن أن يتمخض عن زيارة الأسد لسوتشي، أو حتى الذي قاله الرئيس الروسي لضيفه المستدعى على عجالة، ولم يتم الكشف عنه بعد، تعالوا نتصور، وفق مبدأ "إفرض مثلاً".
تصوروا لو أن رئيس النظام بشار الأسد، عانق أو ارتمى على كتف أهل أطفال درعا، حينما أساء ابن خالته عاطف نجيب لهم، ولم يرد إزعاج خالته بمحاسبة "دلّولها" حينذاك.
تصوروا لو فعل، وهو أقل ما يمكن تجاه شعب أورثه الحكم وسكت حتى على تعديل دستور بدقيقة وصدق ادعاءاته بالتطوير والتحديث، والانقلاب على الحرس القديم الذي امتد طيلة حكم الأسد الأب، فصادر كل حقوق السوريين، وبمقدمتها الحريّات.
تصوروا لو فعل، لكان جنب نفسه الذل بموسكو والقهر بطهران والعداء بأنقرة وعواصم الإقليم والعالم، ولم يصل لموسوعة "غينس" كأكثر رئيس قتل شعبه وتعرض وعرّض أبيه الوارث، للإساءات والسخرية.
وأيضاً، لجنب بلده خسارة نحو 300 مليار دولار ونحو مليون قتيل و11 مليون نازج ولاجئ، ولم يفتح سورية لأربعة محتلين ترفع أعلامها اليوم بسماء سورية، إن دخل المحتلون أو بعضهم، بإرادته وطلبه، فعلى الأرجح، لن يغادروا لعقود.
ولو فعل وعانق أهل درعا، بدل من خطابه الشهير بمجلس الشعب الذي أعلن خلاله الحرب على الثورة والسوريين، لتفادى ما يصعب حصره، من خسائر وويلات، على صعيد السياسة والمجتمع والاقتصاد والمستقبل والمصير... بل وحتى على صعيد ديمومته بالحكم وربما توريث ابنه.
نهاية القول: حقاً لماذا يعز على الحكام العرب الاعتذار لشعوبهم، أو مصارحتهم وإعطاءهم حقوقهم، في حين ينبطحون للغريب ويرتمون بأحضان سادة موسكو وواشنطن وتل أبيب. رغم تكرار تجارب بيع تلك العواصم لهم، بعد انتهاء "الدور الوظيفي" وتركهم لأقدارهم الحتمية، بالسجون أو مواجهة الشعوب المقهورة.
لجهتي لا أعلم يقيناً الإجابة، فقد تكون، لأن تلك العواصم من توصل الزعماء العرب للكراسي، إذ لا يغيب عن خلد السوريين حتى اليوم، اجتماع وزيرة الخارجية الأميركية، مادلين أولبرايت ببشار الأسد أثناء وفاة أبيه، ومباركتها توريثه بعد الالتزام بالسير على نهج الوالد. أو ربما، لأن طيلة فترة حكم الزعماء وتوريثهم الحكم لأولادهم من بعدهم، يوصلهم لحالة احتقار الشعب وعدم الإقرار بأي من حقوقه، ألم نسمع القذافي يقول "من أنتم".
أو قد يكون، كل ما يفعله هؤلاء القادة، هو تنفيذ دقيق للذي ترسمه وتخططه تلك العواصم، مقابل الكرسي والتحكم بالثروات وممنوع على الممثلين الخروج عن النص.