يحدُث أن يظلَّ مشروع روائي ما عالقاً، ليس بالضرورة لأن صاحبه لم يعُد يجد ما يقوله، بل لأن ما يُريد قولَه لا ينفكّ يزيد ويتعقّد مع تزايد الأحداث وتعقّدها من حوله. لعلّ ذلك ينطبق، بشكل ما، على رواية "يوليانا"، للكاتب العراقي نزار عبد الستار (1967).
الرواية صدرت، مؤخّراً، عن "دار نوفل"/ "هاشيت أنطوان العربية للنشر"، في بيروت، بعد 17 عاماً على بدء صاحبها في كتابتها. خلال هذه الفترة، "حدثت تغييرات عديدة على الفكرة الأولى إلى أن خرجت بصيغتها النهائية"، يقول معلّقاً.
تضيء الرواية على واقع المسيحيين العراقيين، من خلال قصّة تدور أحداثها في دير صغيرٍ في قرية كرمليس ناحيةَ الموصل، بين عامي 1929 و1987؛ حيث تتتبّع حياة ججو الأب وابنه حنّا اللذين يحافظان بنهجهما المتديّن على سلوك ملتزم، حين تظهر لهما القدّيسة يوليانا وترشدهما إلى طاقة الحب في نفسيهما.
هكذا، يفتح العمل على مفهوم الحب الإلهي وعلاقته بحاجة الإنسان إلى العون الغيبي الذي تجسّده يوليانا التي تتواصل مع مريديها ممّن يتوفّرون على قلب أبيض وروح خيّرة، وتقف شاهدةً على التغيّرات الكثيرة التي تطرأ على القرية البعيدة المنعزلة.
تحاكي الرواية أسلوب الواقعية السحرية من خلال قصّة مدينة منسيّة وجيلين من الأبناء، مراوحةً بين الملحمي والديني والدنيوي، بين التاريخ والأسطورة، لترصد عراق البارحة واليوم. يقول عبد الستار إنها رواية عن "العراق الإنسان لا العراق الخبر؛ العراق الحياة لا العراق عدّاد الموت".
يُهدي الروائي عمله إلى مسيحيي العراق، الذين أُخرِجوا من الموصل عام 2014، معتبراً أنهم "جزء من الهيكل الأول لوجود العراق ككيان"، وما حدث لهم جريمة كبرى غير مسبوقة، داعياً إلى إعادة الاعتبار إليهم.
يُذكر أن عبد الستار من مواليد بغداد، يكتب القصّة والرواية، من بين أعماله رواية" ليلة الملاك"، ومجموعته القصصيّة "رائحة السينما"، وهو يشتغل في الصحافة حيث أسّس جريدة "تاتو" الثقافيّة.