صدرت حديثاً طبعة جديدة من كتاب "حضارة الإسلام" للمستتشرق والمؤرخ النمساوي جوستاف إدموند فون جرونيباوم (1909 -1972)، عند دار "الأهلية" في عمّان، وقد صدر سابقاً عن "الهيئة العامة للكتاب" في القاهرة بترجمة عبد العزيز توفيق جاويد ومراجعة وتحقيق عبد الحميد العبادي.
الكتاب (عنوانه الأصلي: الإسلام في العصور الوسطى) مسترسل ودقيق ويتتبّع سياق حركة الفكر الإسلامي فى نسيج الثقافات الأخرى، ويحتوي سلسلة من المحاضرات التي ألقاها الكاتب في "جامعة شيكاغو"، في ربيع عام 1935، وتناولت الإسلام في القرون الوسطى كمركز مؤثر في الحضارات المختلفة.
يسعى الكتاب إلى تفكيك عناصر الحضارة الإسلامية الأصيلة فيها والموروثة والمستعارة، والإطار الذي تعمل ضمنه ومكانتها بالنسبة إلى العالم المسيحي المعاصر وتبيان مساهمة هذه الحضارة في الثقافة الأوروبية.
يأتي الكتاب في عدّة محاور، يتناول في أوّله المزاج العام للعصور الوسطى ومكانة الثقافة الإسلامية فيها، والبنى والأسس الدينية لهذه الثقافة، وسياسات الجسد من حيث النظام الاجتماعي والقانون والعلاقة بالدولة والتعبير عن الذات من خلال الأدب والتاريخ والنموذج الإنساني في الثقافة الإسلامية ويخصّص صفحات لتفسير مفهوم التقوى وكيف يفهمه الإسلام ويقدمه.
يرى صاحب "الإسلام الحديث" أن إنسان الحضارات الغربية والشرقية الإسلامية والمسيحية في العصور الوسطى كان يملك نظرة واحدة للكون ولمكانه فيه، معتبراً أن العصور الوسطى هي عصور إيمان.
رغم وحدة النظرة مع اختلاف الثقافات والأديان إلا أن الشعور بالعداء تجاه الآخر والتوجّس منه كان مهيمناً في تلك الحقبة مع توسع الممالك الإسلامية شرقاً وغرباً.
يعتبر الكتاب، الذي يأتي ضمن سلسلة من الكتب التي ألفها جرونيباوم حول الإسلام منذ ظهوره وحتى العصر الحديث، من أهم المصادر الغربية التي أنصفت تأثير الإسلام الإيجابي في الحضارات المختلفة خاصة الأوروبية.