هذه الأعمال تبدو كأنها تغذّي بعضها بعضاً، فالمسألة الثقافية تظلّ متعدّدة الجوانب يمكن مقاربتها من خلال النصوص المنتجة حديثاً مثلما يمكن تناولها عبر تمثّل النصوص القديمة، وهناك مداخل شتّى لها.
فماذا يعني المؤلف بالبعد الثقافي في الإسلام؟ يقول العطوي في حديث إلى "العربي الجديد": "يعتمد الكتاب على مقولة أن قراءات التاريخ العربي الإسلامي هي قراءات (بين هوامش أو حواشٍ) على متن أو مَتنين أصليين، هما القرآن والسنة، والبعد الثقافي يعني إحالة القراءات إلى مساجلة بين الأصول والهوامش، ومحاولة فهم كيف ترسّخت العلاقات الثقافية التي أصبحت هي المرجعيات الحاضرة في كامل الخطاب الحضاري الإسلامي المعاصر".
يبدو المشروع الذي يتصدّى له العطوي متشعّباً، لكن كيف بدأت فكرته؟ يصرّح العطوي: "يمكن القول إن هذا الكتاب جاء نتيجة سلسلة قراءات للطروحات الفكرية التي أنتجها مفكرون مسلمون عاشوا في الغرب أو احتكّوا به، ونظّروا للإسلام بمنظور الفكر الغربي العلمي مثل محمد أركون ومحمد عابد الجابري ومحمد مجتهد الشبستري وسواهم من الذين رفضوا النظرة التقليدية للإسلام، لهذا فإنني أعتبر أن مشروع الكتاب بدأ في الحقيقة من عملي السابق "التأمل والتمرد" حيث حاولت تحليل الخطابات الفكرية والدينية التي عمدت إلى عرقلة تنامي التساؤلات النقدية في حضارتنا والتي رفضت القول بالهيمنة التاريخانية".
وحول الإشكالية التي يطرحها عمله، يعتبر العطوي أنه عمل على إضاءة العقدة التي يواجهها الباحثون عندنا وتبعيّتنا للغرب حتى في قراءة تراثنا. يتابع قائلاً: "لهذا لا بد لنا أن نؤسس لنظرية نقدية تفضح الخطابات المضمرة التي تشدّنا إلى الوراء".
وعن مجمل مشاغله، يقول المؤلف: "لديّ اهتمام بالتحوّلات الثقافية التي قدمتها مرحلة ما بعد الحداثة في الغرب، خصوصاً من ناحية تحليلها للإشكاليات التي تثيرها ثقافتنا العربية، وقد اخترت جانبين من تلك الإشكاليات: ما يتصل بالنظرية النسوية والإسلام الثقافي، وهما يعتبران من أبرز الموضوعات التي نظر الغرب إليهما، بوصفهما يكتظان بالمسكوت عنه واللامفكّر به، ومن الممكن أن يفجّرا المنظومات الثقافية المحلية بوجه الحضارة الغربية في وقت تتحوّل من منظور ثقافة القطب الواحد إلى ثقافات تعدّد الأقطاب".