في حديثه لـ"العربي الجديد"، يقول المؤلّف إن "الرواية التاريخية تمثل تحدياً لأن الكاتب فيها يواجه بخيارين إما التخييل والتلاعب بالحقائق للوصول للمتعة الفنية المتوخاة وإما الحفاظ على الحقائق والوقوع في فخ التقريرية وفي هذه الحالة تكون الصنعة الأدبية والصور الخيالية عبارة عن إعادة بناء الحدث وتجميده في سياقه وهو ما يجعلنا نضيف ضريحاً إلى أضرحة وليس حياة للحيوات التي نعيشه".
يضيف "الرواية التاريخية فضاء يتسع لعمليات الفك والتركيب للوقائع والأحداث والكشف عن العوامل المحركة للحدث لفهم جدلية الحادثة التاريخية والشخصيات الضالعة فيها، فهي نموذج متكامل مكوّن من الشخوص وأفعالها والسياقات المتحكمة والمتفاعلة -وفرق بين المتحكمة والمتفاعلة- فثمة سياقات تتحكم في الشخصيات وتفرض خياراتها وثمة سياقات متفاعلة تتيح لهذه الشخصيات مجالاً للحركة والاختيار والتدبير، ووفي هذا كله توجد فراغات غامضة غير مكشوفة للعيان هي التي يعمل فيها الخيال ويسوق القارئ بعيداَ عن التقريرية للخيال والصنعة الأدبية والتصوير".
يرى صاحب "أطياف الأحبة" أن التاريخ من حيث الأحداث له ثلاثة مستويات؛ "مستوى القدر الخفي ويمثل النظرة الدينية للتاريخ من حيث أن وقائعه حكمة إلهية، ومستوى التاريخ العلمي أي القوانين الناظمة للحركة التاريخية، ومستوى الوقائع والتحقق من صحتها وتعليل على مستوى الأسباب والمسببات الجزئية، ما أحاول رسمه بقدر ما يسمح به التخييل والحقيقة التاريخية بعد تمحيصها".
ويلفت إلى أن "اختياره لشخصية الظاهر بأمر الله يأتي لندرة المكتوب عنه تاريخياَ مع قيمة تجربته، وقد أثارت التجربة تساؤلاً خطيراً في ذهني أن منجزات الرجل على قصر فترة حكمه من تحسين الوضع الاقتصادي في العراق - المناطق الخاضعة لحكم الخلفاء المتأخرين كانت تمتد من النجف وحتى أربيل الحالية عدا الموصل- وهو ما أكده المؤرخين؛ ابن الأثير وابن كثير تحديداً، حيث يُعدّ الظاهر بأمر الله قريباً من الخلفاء الراشدين، كما أن سيرته متناثرة في بعض الكتب المتأخرة والدراسات التاريخية والتي أشارت لظلم شخصي تعرض إليه من والده".
يوضح خواجة أن "الظاهر بأمر الله تميز بخصال لافتة فبرغم كونه فقيهاً حنبلياً متمكناً لكنه في الوقت ذاته أبقى وزراء أبيه من مختلف الطوائف بل كان يسمح لهم بمحاورته في سياساته التي لم تكن تعجبهم لكنها أثبتت كفاءتها، وكل هذه الخصال تجعلني أفكر ببساطة أنه لم يكن من الممكن له أن يكون حاكماً طيب القلب بل يجب أن يكون أكثر وعياً وذكاء وفهما لصالح المجتمع مما يبدو عليه من خلال الوثائق والحقائق".
اعتمد الروائي في سرده على مستويات ثلاثة؛ الأول يبرز الأفكار التي يحملها الظاهر والقيم التي يؤمن بها والمستوى الثاني المواقف والأحداث الحقيقية والبحث عن دلالتها وارتباطها بتلك الأفكار المستوى الثالث المواقف المتخيلة المتصلة بالشخوص الواقعية والمتخيلة على حد السواء وتفاعلاتها المتصلة بالمشروع الظاهري المفترض.
يختم خواجه بأن المشروع الظاهري يتضح من خلال "حوارات وهموم رشيد التميمي بطل الرواية المكمل للظاهر والمعادل الموضوعي له والذي تساعده إصلاحات الظاهر بصورة غير مباشرة على النمو في السوق، خاصة في حواراته مع قاضي القضاة نصر ابن الجيلي ومع رفيقي عمله نصر المروزي وعلي النهرواني.