تعبّر سياسات الكيان الصهيوني المعادية للعربية عن نزعة إحلالية استيطانية ترى أن تهميش اللغة وإقصائها وسيلة لقمع الفلسطيني على مستويات عدّة تتعلّق بإحداث اضطراب في الهوية من خلال احتكار الفضاء العام وتحويله قسراً إلى أقلية ديموغرافياً واجتماعياً وطبقياً.
ويشكّل "قانون يهودية الدولة" الذي أقرّته سلطات الاحتلال العام الماضي امتداداً للرؤية ذاتها في الهيمنة على المكان وإعادة تسميته، وعلى العملية التعليمية والإعلام، وتكريس لغة للتخاطب اليومية تمزج بين العربية والعبرية، حيث الأخيرة ترمز إلى مركب التسلّط والسيطرة.
تًطلق الباحثة البريطانية نانسي هوكر عند السادسة من مساء غدٍ الثلاثاء في "مركز الآغا خان" في لندن، كتابها الجديد "سياسات التعددية اللغوية الفلسطينية: التحدث من أجل المواطنة" الذي صدر حديثاً عن "منشورات روتليج"، ويعقبه لقاء مفتوح تتحدث فيه المؤلفة والباحثة في الأنثرولوجية اللغوية ديبورا كامرون.
تتناول الكاتبة آثار الرأسمالية وسياسات الكيان المحتل على النخب العربية الفلسطينية، في محاولة لتأسيس فهم جديدة للإلغاء اللغوي والطبقي الاجتماعي من خلال حقول متعدّدة كالسياسة والإعلام والإثنوغرافيا المستندة إلى دراسات ميدانية.
كما يكشف الكتاب التحوّلات الاجتماعية واللغوية التي أنتجها تراكم قمع اللغة العربية في المؤسسات الحاكمة في "إسرائيل"، وكيف يؤدي ذلك إلى تجنب استخدام اللغة العربية في مواقف عديدة في الحياة اليومية، مع تحليل لاستراتيجيات الخطاب وما يحتشده من ذخيرة مفردات متعدّدة اللغات وتأثيره في قدرة الفئة التي تتبناه في التعبير عن تطلعاتها نحو المساواة والحصول على حقوق كاملة.
تستعرض هوكر نماذج عديدة من الخطاب السياسي الحديث لإبراز كيفية تفاعل الفلسطينيين المتحدثين بلغة مهمشة مؤسسياً مع النظام السياسي الذي يحكمهم، سواء على صعيد حقوق الإنسان والمواطنة أو اللغويات الاجتماعية أو السياسة أو الأنثربولوجيا.
يُذكر أن هوكر حائزة على درجة الدكتوراه في الدراسات الشرقية من "جامعة لندن" ولديها كتاب بعنون "الاتصال الفلسطيني الإسرائيلي والممارسات اللغوية" (2013)، أما كامرون فهي متخصّصة في اللغويات الاجتماعية وأصدرت عدّة مؤلّفات منها "الجندر والسلطة والخطاب السياسي" (2016/ كتاب مشترك)، و"أسطورة المريخ والزهرة" (2007)، و"النظافة اللغوية" (1995).