"أنا العارف بالليل" عنوان المعرض الذي افتتح في "غاليري لا تشيتا" بمدينة فيرونا الإيطالية في الخامس من الشهر الجاري، ويتواصل حتى الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر المقبل، بالتعاون مع "غاليري تانيت" في العاصمة اللبنانية، بمشاركة خمسة عشر فناناً.
يستذكر المشاركون انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020، الذي يشكّل، بحسب بيان المنظّمين، امتداداً لتاريخ لبنان كلّه في ظلّ نظام مدمّر أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للشعب اللبناني، ويسود من استراتيجية تقوم على خلق حالة من عدم الترابط الوجودي بين الناس والمجتمعات، في فرض عدم الاستقرار كشرط والفردانية كأيديولوجيا، وفي التعتيم على التاريخ الذي شأنه إدامة الأوضاع الحالية في البلاد.
ويطرح البيان تساؤلات مثل: كيف تؤثر ثقافة التدمير طويلة الأمد على العملية الإبداعية؟ وما هي الأخلاق والمسؤوليات التي تشكّل هذا الإنتاج؟ إذ يسعى المعرض إلى تقديم قراءة تتجاوز هذه الحالة عبر تسليط الضوء على إنتاجات فنانين من لبنان والمنطقة العربية، والتي تترجم مشاهد الدمار خلال العقود الأربعة الماضية وتتساءل عن ألعاب الذاكرة واللاوعي وآليات الدفاع التي تلعب دوراً في خلق الأقوال الأدائية التي لا تصف حقيقة معينة فحسب، بل تهدف إلى مقاومتها وتحويلها.
يشارك في المعرض عادل عابدين، وشيرين أبو شقرا، وصادق كويش الفراجي، وعبد القادري، ونديم أسفار، وجان بوغوصيان، وروي ديب، وسيمون فتال، وشفا غدار، وجيلبرت حاج، ورانيا مطر، ورندة ميرزا، وكيفورك مراد، وغسان زرد، وسينثيا زافين.
يقدّم الفنان العراقي عادل عابدين، الحاصل على درجة الدكتوراه في الرسم من "أكاديمية الفنون الجميلة" في بغداد، عملاً بعنوان "صحيح سياسياً" يكرّر فيه هذه العبارة باللغة الإنكليزية خمس مرات فوق الحائط مستخدماً معدن الفولاذ المطلي المقاوم للصدأ، وهو يندرج في سياق أعماله التي تستكشف مفاهيم الاغتراب الثقافي والحرب.
أما الفنانة اللبنانية شيرين أبو شقرا فتعرض عملاً بعنوان "تفصيل من تجهيز حياة" من خلال تركيب وسائط متعدّدة، وفيه تظهر يد ملفوفة بشال أسود، وهي تستفيد من دراستها التاريخ للتعبير عن الذاكرة الجماعية والمنفى والانفصال عن المكان.
يشارك الفنان اللبناني عبد القادري بأعمال من معرضه "رفات آخر وردة حمراء على وجه الأرض" الذي أقيم العام الماضي، والذي ضمّ سلسلة من اللوحات السوداء الجديدة بعنوان "نيكتوفيليا" التي يشير معناها الحرفي إلى تفضيل الظلام على النور، رسمها بين عاميْ 2018 و2019، وتمثّل دعوة للمواجهة والتفكير، وتشير إلى أن الميل والشوق لليل أو الظلام نصل من خلالهما في نهاية المطاف إلى التنوير.
إلى جانب عمل للمصور ومخرج الأفلام اللبناني الفرنسي نديم أسفار، الذي يقارب في أعماله الزمان والمكان، سواء في الداخل أو في المجال الحميم للمنزل أو في المساحات الواسعة للمناظر الطبيعية. وانطلاقاً من خلفية تجريبية ونظرية، يستحضر صادق كويس الفراجي تفاصيل ذاكرته الشخصية منذ الطفولة في مجموعة مشاريع ينفّذها ويشكّل اللونان الأبيض والأسود فيها تمثيلاً أساسياً لحالة التشظي والخسارات في المنفى.