منذ ثلاثة عقود، ظهر اهتمام العلوم الإنسانية بكل ما هو رقمي لما يعبّر عنه من تحوّلات لا تتعلّق بالتقنية أو بالعالم المادي وحده، بل تضرب في أعماق الكائن البشري.
لا يزال هذا الاهتمام يتجدّد بسبب تسارع الابتكار التكنولوجي، بل إن أحداث العالم ومنها الجائحة التي ضربته منذ عامين، باتت تساهم في هذا التسارع كما يضيء ذلك كتاب "الالتهام الرقمي" لكل من فرانسوا أنسرميه وفرانسوا فورستييه.
صدر العمل مؤخراً عن منشورات "أوديل جاكوب"، وهو يعالج قضيّة الرقميات في عالمنا الحديث من منطلق علم النفس أساساً، حيث يؤكّد المؤلفان الفرنسيان أن نسق تطوّر التكنولوجيا الرقمية بات ظاهرة منفلتة على قدرات التحكّم البشري.
يرسم الكتاب تاريخ التكنولوجيا وانتقال موقعها في حياة الناس من مساحة هامشية قبل القرن التاسع عشر إلى ضرورة لا تقلّ أهمية عن أولويات الحياة مثل الغذاء والسكن، حيث يؤكّد أنه بات من المستحيل اليوم فهم منظومة الاعتراف الاجتماعي من خارج تكنولوجيا الاتصال.
يناقش المؤلفان أيضاً موضوع التفاوت بين المجتمعات من منظور رقمي، حيث يعتبران أن الفجوة الرقمية سرعان ما تتحوّل إلى فجوة إنتاجية، وبالتالي تتحوّل إلى إطار محدّد لعلاقات القوة في العالم.