اختُتم أوّل أمس السبت معرضٌ وثائقي بعنوان "الصحافة الهزلية في تونس"، نظّمه "مركز التوثيق الوطني" في "قاعة الأخبار" وسط تونس العاصمة، وضمّ نسخاً لجرائد تعود إلى العقود الأولى من القرن العشرين.
تستعرض المادة الوثائقية المقدّمة جزءاً مهمّاً من تاريخ الصحافة في البلاد خلال النصف الأول من القرن العشرين، حيث مثّلت فيها الصحافة الهزلية ظاهرة بارزة ساهمت في تشكيل الوعي الوطني خلال المرحلة الاستعمارية.
تتنوّع المادّة المقدّمة في الصحافة الهزلية التونسية بين الرسم الكاريكاتيري والمقالات الساخرة والأشعار، وقد ساهم في هذه التجارب عدد من أبرز مثقّفي تلك الحقبة، مثل الشاذلي الفهري مؤسّس جريدة "السردوك" (تعني الديك) والتي تأسّست في 1922 لتتوقّف في 1931، وتظلّ أشهر هذه الصحف جريدة "السرور" التي أطلقها الأديب علي الدوعاجي.
يوثّق المعرض لخمس وأربعين جريدة هزلية ظهرت في تونس، من خلال تقديم إحدى صفحاتها الأولى مرفقة بأسماء ناشريها وتواريخ صدورها وبعض مضامنيها، وسنوات توقّفها عن الصدور، حيث يمكن لزائر المعرض أن يلاحظ أنها كانت، جميعها، قصيرة النفس.
كما يمكن أن نلاحظ أن الفترة الاستعمارية ــ على ما فيها من قمع ــ كانت محضنة الصحافة الهزلية، مقابل تراجع لمثل هذه التجارب مع دولة الاستقلال، حيث أن نظام الحبيب بورقيبة عمل على احتكار الصحافة لضمان الاستقرار السياسي في البلاد، وخلال عقود طويلة من حُكمه لم تظهر سوى بضعة جرائد هزلية مثل "الستار"، و"القنفود" و"الإمتاع"، لتختفي سريعاً. ولم تعاود التجربة الظهور إلّا بشكل ملحق مع جريدة "الصريح" في تسعينيات القرن الماضي، ثم بعد ثورة 2011، حين صدرت ثلاث صحف، هي: "القطوس" و"ضد السلطة" و"أحوال"، لكنْ سرعان ما خفت حضورها، وإنْ كانت تدلّ على أن الصحافة الهزلية ما تزال حاضرة في الوجدان الشعبي وتنتظر الفرصة للظهور كلّ مرة.