لا تزال دراسات العصرين الأموي والعباسي تعرف اهتماماً من الباحثين، ليس فقط في التاريخ، بل أيضاً ضمن دوائر معرفية أخرى مثل الاقتصاد والسياسة وغيرهما.
في كتابه "المثقف الموالي والمعارض للسلطة السياسية في العصرين الأموي والعباسي"، يقارب الباحث المغربي ياسين العمري من زاوية مجتمع المثقفين وصراعاته مع السلطة السياسية.
صدر الكتاب عن "مركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات - مفاد"، وضمنه اعتبر المؤلف أن السياسة كانت الدافع الرئيسي في المواجهة ما بين المثقف والسلطة في العهدين الأموي والعباسي. أما العامل الديني، فكان يستخدم كمبرر سياسي لإضفاء المشروعية في الصراع السياسي، وبالتالي فإن مؤسسة الخلافة لم تكن سوى سلطة زمنية اتخذت صبغة مقدّسة دينية لبناء مشروعيتها.
يقدّم العمري نموذجاً نظرياً هو "المثقف الموالي" لفهم شخصيات التاريخ الإسلامي، من ذلك رجاء بن حَيْوَة الكِندي خلال الفترة الأموية، والماوردي خلال فترة العباسية. يقابل هؤلاء النموذج المضاد "المثقف المعارض"، فقد وضع المؤلف ضمن هذه الفئة سعيد بن المسيب خلال الفترة الأموية، وعبد الله بن المقفع، ووكيع بن الجراح، وأحمد بن حنبل، وأبا حيان التوحيدي، كنماذج "للمثقف المعارض" للسلطة الحاكمة.
في هذا العمل، ورغم أن مصطلح المثقف قد ظهر في أوروبا القرن التاسع، إلا أن العمري يؤكّد على إمكانية استخدامه بشروط محددة مع الكتّاب والفقهاء والأدباء خلال العصور الإسلامية، للشبه الوظيفي بين هؤلاء والمضمون المفاهيمي لمصطلح المثقف.