يظلّ التراث مجال انشغال رئيسياً في الثقافة العربية منذ عقود طويلة، حتى أن معظم الجهد البحثي والتأريخي اتّجه إلى هذا المنحى، ومن ذلك مؤلّفات طه حسين وعباس محمود العقّاد وأحمد أمين، ولاحقاً محمد عابد الجابري وجورج طرابيشي وهشام جعيّط وغيرهم.
في محاضرة بعنوان "تجديد التراث الإسلامي في العصر الحديث"، يقدّمها غداً، الإثنين، يعود الباحث المصري حسين سليمان إلى جذور هذا الاهتمام بالتراث في الثقافة العربية، وهي محاضرة تندرج ضمن سلسلة ندوات يقيمها "مركز المخطوطات" في "مكتبة الإسكندرية" عبر الإنترنت.
بحسب تقديم المحاضرة على صفحة المركز الإلكترونية، فإن سليمان يرصد كيف تبلور سؤال التجديد في العالم الإسلامي بعد الحملة الفرنسية على مصر حين يضيء "انشغال السياسيين والمفكرين بسبب الهزيمة الحضارية والفكرية التي يعيشها المسلمون، وأسباب التفوق الغربي في المجالات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها". كما يتوقّف عند بداية المجدّدين والمصلحين المسلمين "في تقديم رؤاهم في أسباب ذلك التراجع المعرفي عن الغرب والسبيل إلى تصحيح مسار الفكر الإسلامي".
يربط سليمان هذه الهواجس بالتراث، بإشارته إلى أن النزعة التي غلبت على المثقّفين العرب هي تفسير التأخر بعدم التمسّك بقيَم الإسلام الأصلية، ومن ثمّ ظهر اندفاعٌ نحو دراسة التراث واعتبار الفترة الممتدة بين ظهور الإسلام والقرن العاشر للميلاد مرجعيةً حضارية ينبغي التمثّل بها لإعادة العرب إلى الفاعلية التاريخية.
يستند سليمان في محاضرته إلى نصوص لجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، ليبيّن كيفية عودتهم إلى التراث والمناهج التي تصدّوا له بها. كما يتناول تطوّر استخدام التراث العربي الإسلامي كآليّة لتجديد الواقع، وذلك من خلال تحليلٍ ونقدٍ الأطروحات فكرية قدّمها في زمن قريب حسن حنفي ونصر حامد أبو زيد.