بعد إغلاق قاعات العرض في منتصف الشهر الماضي، لا تأتي عودة الحياة المسرحية في تونس بالكثير من الأعمال الجديدة، وكأن الأمر يتعلّق بمحاولة الرهان على جياد معروفة، من ذلك أن "مسرح الأوبرا" في تونس العاصمة يقترح اليوم الأربعاء عرض مسرحية "دون كيشوت كما نراه" للشاذلي العرفاوي، وهي التي عُرضت أوّل مرة في 2019.
صحيح أن المسرحية قد تذبذب عرضها بعد موجة كورونا الأولى في ربيع 2020، لكن يمكن القول بأنها واحدة من أكثر الأعمال المسرحية التونسية مشاهدة في السنوات الأخيرة، فقد حضرت في عدد كبير من التظاهرات وزارت الكثير من المدن، كما حقّقت بعض الجوائز.
يذكر أن هذا العرض سترافقه حلقة نقاش مع المشاركين في إنجاز المسرحية، من مخرجها الشاذلي العرفاوي، إلى مؤدييها عبد القادر بن سعيد في دور دونكيشوت، ومنصف العجنقي في دور مرافقه سانشو، كما يحضر في النقاش لطفي ناجح الذي ساهم في الإخراج ودراماتورجيا العمل.
تعتمد المسرحية خيارات سينوغرافية مختلفة عما نقرؤه في الرواية الشهيرة التي وضعها الكاتب الإسباني ميغيل دي ثربانتس، من ذلك استبدال الأحصنة بالدراجات واعتماد الفيديو لربط الكثير من العناصر منها أشهر ما يعرف عن الرواية كخلط دونكيشوت بين الطواحين والعمالقة، وبين قطيع الثيران وجيش محارب.
في المقابل، اختار فريق المسرحية التونسية أن يكون النص بالعربية الفصحى وليس بالعامية التونسية، كما اقتصر العمل التونسي على شخصيتين من الرواية دون غيرهما.
استمرار عروض مسرحية "دونكيشوت كما نراه" يشير إلى أن رهانات كثيراً ما قيل بأنها خاسرة بشكل مسبق قد تكون رابحة وأبرزها الرهان على استعمال العربية الفصحى أو الاقتباس من الأدب. ولعل أحد أسباب النجاح الأخرى هو الاستمرارية التي تحمل علاقة المخرج الشاذلي العرفاوي بالممثل الرئيسي عبد القادر بن سعيد فهذا العمل هو الثالث على التوالي الذي يجمع بينهما بعد "برج لوصيف" و"فريدوم هاوس"، وهو رهان آخر يبدو أن نتائجه إيجابية إلى حد كبير.