"سوسيولوجيا الحرب والعنف": في مفارقات الكائن البشري

12 ديسمبر 2021
نيكول مرقدي/ لبنان
+ الخط -

بترجمة طارق عثمان، صدرت مؤخّراً النسخة العربية من كتاب "سوسيولوجيا الحرب والعنف" لـ سينشا مالسيفيتش عن "الشبكة العربية للأبحاث والنشر"، وهو عمل يستقصي العلاقة المركبة التي يعقدها البشر مع ممارساتهم للقسر والقمع. 

ينطلق المؤلّف من مفارقة تتعلق بوجود استنكار شبه كوني لأعمال العنف، يتجلّى في التحريمات المعيارية الصارمة لإلحاق الأذى الجسدي بالآخرين، ومدعوم بأنظمة قانونية في كلّ مكان. ورغم ذلك يجد العنف مسوّغات في الثقافة الشعبية والأدب والتاريخ ووسائل الإعلام وحتى في لُعب الأطفال، وغيرها من تصاريف الحياة اليومية التي يكشف المؤلّف كم هي مشبعة برسائل العنف. 

يرى مالسيفيتش بوجود افتتان ملموس وشائع بالعنف والحرب لكن يجري إنكاره. يقول: "بنظرة سريعة على التصانيف الأكثر رواجاً في العقود الأخيرة، يغدو جليّاً لنا أن هناك ظمأً لا يُروى للكتب والوثائقيات والأفلام التي تصوّر الحركات الاجتماعية العنيفة ومُسعّري الحروب. بينما لا تجذب أعمال غاندي والأم تريزا ومآثرهما سوى النزر اليسير من الجماهير. فعلى الرغم من أن السلام والحب الأخوي هما المثالان اللذان يُروَّجان علانية، إلّا أن الحرب والعنف هما ما يجذب انتباه الناس ويستهويهم حقاً".

سوسيولوجيا الحرب والعنف

يضيء المؤلّف الأدبيات الفكرية التي تتقاطع مع موضوعه فيُبرز ذلك الاختلاف بين ماكيافيلي وهوبز من جهة، حيث اعتبرا أن الإنسان مخلوق منافق، وأنّ تحت سطح سلوكياته المتحضّرة، وأخلاقه الإيثارية، يرقد وحش يتربّص أوّل فرصة لكي ينقض على إخوته في البشرية ويمارس العنف، كالذئاب يفترس بعضهم بعضاً؛ وبين روسو وكنط من ناحية أخرى وقولهما بأن البشر هم، في الأساس، مخلوقات مُسالمة وحصيفة ورحيمة ومتعاونة، قد أضحت عنيفة تحت تأثير "الأسقام الاجتماعية"، كالمُلكية الخاصة، أو التقسيم الطبقي، أو الجشع المُمأسس، أو غيرها.

دلالات
المساهمون