"في الأدب الروائي": بين الحرية والفوضى

01 نوفمبر 2021
من لوحة لـ ماجد زليلة/ تونس
+ الخط -

منذ سنوات، يراكم الكاتب التونسي أبو بكر العيادي (1949) مؤلفاته السردية، ومن أبرزها: "زمن الدنوس"، "ورقات من كتاب الخوف"، و"مسارب التيه"، و"آخر الرعية"، و"الرجل العاري" في الرواية، وله أيضاً مجموعات قصصية، منها: "دهاليز الزمن الممتد"، و"أمراض الأدب القاتلة"، و"حكاية شعلة".

مع هذا التراكم التأليفي، تبلورت لدى العيادي رؤية نقدية ونظرية تبرز في كتاب صدر له مؤخراً بعنوان "في الأدب الروائي" عن "دار سحر" في تونس، وفيه يعود إلى مجموعة من قضايا الفن الروائي.

نقرأ من تقديم الكتاب: "ثمّة اليوم إقبال شديد على الرواية، تأليفاً وقراءة، بشكل طغى على كلّ الأجناس الإبداعية الأخرى وفاق حتى كتب الدراسات والنقد والتنظير. والسبب كامنٌ في بنية الرواية نفسها، فهي تجمع كل الأجناس، وتتناول مختلف المواضيع، وتنافس العلوم الإنسانية؛ وكامنٌ أيضاً في تفجّر المفاهيم الكلاسيكية التي حاولت حصرها في قواعد، تفجّراً أغرى ضعاف الموهبة بخوض غمارها، على غرار ما حصل في قصيدة النثر".

ويضيف العيادي: "وأيّاً ما يكن موقفنا ممّا يُنشر، فلا مناص من الإقرار بأن الرواية الجادّة حمّالة للمعرفة، تضع موقع الإنسان وخطابه في علاقته بالعالم؛ والمعرفة التي تتضمّنها ليست مظهَرة بل مضمَرة تندرج داخل بوليفونية واسعة، وتتوجه إلى القارئ لا كحقيقة نهائيّة مسلّمة، بل كواقعٍ متغير، وتساؤلٍ معلَّق. ومن ثَمّ لا يمكن أن يكون لها تأويل نهائيّ، لكونها تضع القارئ أمام وضعيات متشابكة هي أقرب إلى الألغاز أحياناً، وتهيّئه كي يشهد الانفراج، ويتهجّى الدرس، ولكنها تتركه عند الختام رافضة الإفصاح عن نظرية بيّنة، فقد تطرح على قارئها أسئلة فلسفية غير مباشرة، ليست مَصوغةً في مفاهيم ومصطلحات كما في كتب المنظّرين والمفكّرين، بل هي مبثوثةٌ في تلافيف العمل التخييلي على اختلاف عناصره من سرد ووصف وحوار وأحداث وشخصيات".

في الأدب الروايي

يؤكّد العيادي على أن الرواية "وإن كانت هي الجنس الأكثر حرية، فلا يعني ذلك أنها مسكونة بفوضى عارمة، بل ثمة قوانين تسيّرها، هي قوانينها العضوية، أي الضرورات التي تكمن داخلها وفق انسجام يخصّها، ولا غنى لمن يروم خوض التجربة السردية مِن أن يشفع رغبته تلك بالقراءة أولاً، والتأمل النظري في الرواية ثانياً، لاكتشاف إمكاناتها وأوجه حرياتها المتعددة: حرية الحركة، وحرية الكتابة، والحرية السياسية أيضاً؛ ثم ينطلق لحفر مجراه الخاص وتعميقه، لأن غاية الروائي هي الابتكار بحرية، على غير مثال".

موقف
التحديثات الحية
المساهمون