آلان باديو.. استكمالاً لبيانٍ فلسفي أوّل

03 سبتمبر 2021
آلان باديو، ربيع 1998 (لوي مونييه، Getty)
+ الخط -

في عام 1989، أصدر الفيلسوف الفرنسي آلان باديو (مواليد الرباط، 1937) كتيّباً بعنوان "بيانٌ من أجل الفلسفة" (منشورات سوي)، دافع فيه عن "إمكانية" الفلسفة في زمننا رغم التراجع الذي عرفته بدءاً من القرن التاسع عشر، بسبب التصاقها بشكل شبه كامل إمّا بالعِلم أو العِلموية، مع الوضعيين، أو بالسياسة، كما جرى عند ماركس وتابعيه.

وللخروج من هذه الأزمة، اقترح صاحب "الكينونة والحدث" برنامجاً لإعادة توسيع الفلسفة، في معناها الأفلاطوني، لتشمل حقيقتَيْن أخرَيَيْن، هما الشعر والرياضيات، وهو بهذا يطبّق نظريّته القائلة باشتمال كلّ كينونة، ولا سيّما الكينونة الإنسانية التي يُعرّفها بكونها ذاتاً، على هذه الحقائق الأربع: العلمية، والسياسية، والشعرية، والرياضية.

بعد عشرين عاماً من كتابه الأوّل، أصدر باديو عملاً بعنوان "بيان ثانٍ من أجل الفلسفة" (منشورات فايار)، ينطلق من النقطة نفسها التي انطلق منها البيان الأوّل: أن الفلسفة مهدّدة في وجودها نفسه. لكنّ صاحب "القرن" يوسّع دفاعه عن "حبّ الحكمة" هذه المرّة ليوجّه نقده إلى الاستخدامات الموسّعة وغير الدقيقة للفلسفة وعناصرها (مثل المفهوم)، والتي باتت تُستَعمَل في كلّ محلّ ومناسبة، من وسائل الإعلام إلى شركات الدعاية مروراً بالبنوك، بما فيه تحويلٌ للفلسفة إلى حقل مُحافظ يميني، وهو ما يدعو باديو إلى الخروج منه عبر إخراج فعل التفلسف من أخلاقويّته هذه.

باديو

عن "منشورات الجمل" تصدر قريباً ترجمةٌ عربية لهذا البيان الثاني، بتوقيع المفكّر التونسي فتحي المسكيني، الذي صدرت له، منتصف العام الماضي، ترجمة أخرى مهمّة، تتمثّل في كتاب الفيلسوف الألماني بورغن هابرماس، "نظرية العقل التواصلي"، والذي جاء في جزأين عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات".

يُقسّم باديو كتابه إلى عشرة فصول تسبقها مقدّمة وتليها خاتمة، وهو يُعالج في كلّ واحد من هذه الفصول ثيمةً يفكّك من خلالها مقولاتٍ واستخدامات معاصرة للفلسفة، ضمن برنامج يفنّد هذه المقولات بدءاً من اعتقاد "الرأي العام" بأفول الفلسفة أو انتهاء دورها، إلى تعيين النحو الذي تظهر فيه كينونة الفلسفة، إلى ثيمات أُخرى تسعى لتمييز وجود الفلسفة، والإضاءة على تحوّلاتها، وصولاً إلى إعادة تأكيده على معناها الأفلاطوني، أي باعتبارها مجالاً ينشغل بالأفكار أو المثل، وهو ما يتيح له الدفاع عن فهم للحياة بوصفها فضاءً للفكر والتفكير.

المساهمون