أصدقاء لغتنا: مع هوليا آفاجان

16 ديسمبر 2020
هوليا آفاجان (العربي الجديد)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية عند مترجمي الأدب العربي إلى اللغات العالمية المختلفة، ما هي مشاغلهم وأسئلتهم وحكاية صداقتهم مع اللغة العربية. "اللغة العربية أصبحت مستودعًا لا شعوريًا هائلًا يحمل أحاسيس كل تلك الأمم"،  تقول المترجمة التركية لـ"العربي الجديد".


■ متى وكيف بدأت علاقتكِ باللغة العربية؟

- علاقتي باللّغة العربيّة بدأت مع تعلمي القرآن الكريم لأول مرّة أيام طفولتي، وكم كنت خلال تعلّمي لتلاوة القرآن أودّ أن أعرف معناه، وهذا ما دفعني للسعيّ إلى تعلم اللّغة العربيّة، إلا أنني لم أستطع إيجاد الوسط الملائم لتعلّمها لأسباب مختلفة وكثيرة. عندما بلغت التاسعة والعشرين بدأت بتعلّمها بشكل منتظم، حوالي سنتين، من خلال دروس خصوصية، كنت متزوجة، وكان عندي طفلان، ومع ولادة ابنتي الصغرى اضطررت أن أترك تلك الدروس إلا أنني لم أترك دراسة اللغة العربية. بعدها قمت بتعليم المستوى المبتدئ منها للأقرباء حتى لا أنسى ما تعلمته، إلى جانب ذلك كنت كل يوم أختار من الإنترنت مقالة عربية من الصحف العربية المختلفة وأترجمها حتى أتقنها، وباختصار فإن حكايتي مع اللّغة العربيّة مغامرة طويلة بدأت من أيام طفولتي وتستمر إلى الآن.


■ ما أول كتاب ترجمته وكيف جرى تلقيه؟

- أول كتاب ترجمته كاملاً هو رواية "تيتانيكات أفريقية" للكاتب أبو بكر حامد كحّال، عن طريق دار نشر "المعنى"، والتي أرسلت لي بداية نصًا تجربيًا لأترجمه لتبدأ بعدها رحلتي مع الترجمة مع هذه الدار واستمرت حوالي خمس سنوات. وترجمت في تلك الفترة عشرة كتب بعضها كتب فكريّة وبعضها الآخر أدبيّ.


■ ما آخر إصداراتكِ المترجمة من العربية وما هو إصداركِ القادم؟

- آخر كتاب صدر لي ترجمة رواية للكاتب المغربي علي دب، وهو الجزء الثاني من كتاب رحلة ابن خلدون / مغامرات في الزمن الضائع. صدر عن دار الوسائل في قطر. أما القادم فالعلم عند الله كوني حاليًا قد تفرغت لإنهاء أطروحة الدكتوراه.  

اهتمام تركي أكبر بالترجمة من العربية في السنوات الأخيرة

■ ما العقبات التي تواجهكِ كمترجمة من اللّغة العربيّة؟

- اللغة العربية غنية بمفرداتها وأساليبها الأدبيّة متنوعة ومختلفة عن اللّغة التركيّة، لذلك أحيانا أجد صعوبة في نقل المعاني مع أسلوبها الأدبي، بالإضافة إلى أننا نجد في اللّغة العربيّة الكلمة الواحدة بأكثر من معنى، وفقًا للجملة التي تستخدم فيها، واختيار الكلمة المناسبة في هذه الحالة يكون صعبًا. كما أن واردات الترجمة المادية ضئيلة لهذا لا يمكن الاعتماد عليها، وهذا بدوره جعلها مهنة ثانية.

غلاف تيتانيكات أفريقية - القسم الثقافي

■ نلاحظ أن الاهتمام يقتصر على ترجمة الأدب العربي وفق نظرة واهتمام معينين، ولا يشمل الفكر وبقية الإنتاج المعرفي العربي، كيف تنظرين إلى هذا الأمر وما هو السبيل لتجاوز هذه الحالة؟

- اسمح لي أن أخالفك هذا الرأي لأنني ألاحظ أنه في تركيا اليوم يوجد اهتمام كبير بترجمة الكتب الفكرية، صحيح أنه في السنوات الأخيرة اكتسبت الترجمة الأدبية من اللغة العربية أهمية أكبر عمّا كانت عليه في الماضي، إلا أنني لا أرى في هذا أيّة مشكلة، لأنه إذا كانت الكتب الفكرية تمثل عالم العقل للشعوب، فالكتب الأدبية تمثل العالم الروحي والعاطفي لها، ولا يقل أحدهما أهمية عن الآخر. حتى أظن أنني لا أبالغ إذا قلت إننا نحتاج في يومنا الحاضر إلى الروحي/العاطفي أكثر من الفكري، فالأفكار قد تتعارض لكن المشاعر كالحب أو الغضب أو العطف هي مشاعر مشتركة بين البشر، وربما سبب ازدياد الترجمة الأدبية في السنوات الأخيرة يعود إلى هذا الاحتياج. فالأدب والفن مستقلان عن السياسة أو العناصر الأخرى، لذلك يجدان دائما طريقهما الصحيح.

العربية لغة عالميّة لأنها لغة الإسلام وتجمع شعوباً متعددة

■ هل هناك تعاون بينك وبين مؤسسات في العالم العربي أو بين أفراد، وما شكل التعاون الذي تتطلعين إليه؟

- لا للأسف. حتى الآن ليس عندي أيّ ارتباط أو تعاون مع أيّة مؤسسة عربيّة.


■ ما هي المزايا الأساسية للأدب العربي ولماذا من المهم أن يصل إلى العالم؟ 

- برأيي الّلغة العربيّة لغة عالميّة لأن هذه اللغة لغة الإسلام وهي بهذا قد تجاوزت كونها لغة شعب واحد، وأصبحت لغة للشعوب المتعددة. كما أن كثيراً من الناس من غير المسلمين، من مختلف الأديان يتحدثون بهذه اللغة. هذا يعني أنها أصبحت مستودعًا لا شعوريًا هائلًا يحمل أحاسيس كل تلك الأمم. كما أن أدب اللّغة العربيّة راقٍ جدًا. فإذا تخيلنا الأدب على المستوى العالميّ مُجرداً من الجنس أو اللون أو الدين ككائنٍ حيّ له جسد، سوف يكون الأدب العربي من الأعضاء الحيويّة لهذا الجسد.


بطاقة

Hülya Afacan مترجمة تركية ولدت في ألمانيا عام 1971، وتخرجت في جامعة صكاريا 2011. ودرست الماجستير في جامعة صكاريا أيضاً في اللغة العربية. تعمل حالياً محاضرة في كلية الإلهيات في الجامعة نفسها، وهي طالبة دكتوراه في قسم العلوم الإسلامية/ اللغة العربية.

صدر لها من اللغة العربية إلى اللغة التركية: "السيف والكلمة" لعماد الدين خليل (2010)؛ و"صعود طالبان" لأحمد موفق زيدان (2010)؛ و"حضارة الهامبورجر" لعبد الوهاب المسيري (ترجمة مشتركة 2010)؛ و"من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة" لعبد الله العقيل (ترجمة مشتركة 2011)؛ و"القوقعة: يوميات متلصص" لمصطفى خليفة (2012)؛ "تيتانيكات أفريقية" لأبي بكر حامد كهال (2013)؛ "دوائر الخوف.. قراءة في خطاب المرأة" لنصر حامد أبو زيد (2014)؛ و"خيرة العقول المسلمة في القرن العشرين" لمحمد بن المختار الشنقيطي (2018)؛ و"رحلة ابن خلدون.. مغامرات في الزمن الضائع" لعلي دب (2019).

أصدقاء لغتنا
التحديثات الحية
المساهمون