كانت الحياة تقضي بأن نكون قدّيسين
نخلط التراب بالماء
ونسمّيه خبزاً
نخلط العشب بالطين
وندهن به الجبين
نرسم إشارة الصليب.
كانت الحياة تقضي بأن نكون شامخين:
صدورٌ عارية
أقدام مسخّمة بالفحم
ومن كلّ فجّ، كيسُ جير.
وقضت الحياة بأن نتأخّر
عن مشاهدة عودة يوليسيس
يُزهر في وجه البطلة،
ينبثق من محبسه
نُلبسه يوم الأحد
نجد له عروساً
ونحمله إلى الشطّ.
فلنقطع راحة النبيذ
هو في الأسفل، هناك،
حيث يتحادث الموتى
الذين يزعمون أنهم لا يزالون على قيد الحياة.
الأشلاء، ومُقطّعو الأوصال
ومعهم نحن نرفع أصابعنا
صوب الغيوم.
وحيدين، كمقاتلين يشدّون على الضروس.
لا تُقبِلْ
ابعث بأصواتٍ
إشارات من دخان
صلّ لنفسك
ولأولئك الذين يَعرجون دون أن يدركوا
لأولئك الذين يركعون
أولئك الذين لا يعلمون.
لا تُقبِل، ابقَ مدْبراً
وانسجِ الأماني
وابعث بها
لنفسك
ولمَن يَعدم النَّفَس
لمن يُخفض البصر
أمام البراميل الفارغة
والخدم
والأطفال الوحيدين.
لا تُقبِل
ابعث لنفسك، بأصوات
وإشارات من دخان
وألعاب ظلّ.
الوقت ليس وقتَ أجنحةٍ من شمع
ووجوه سافرة
وخبز مقسوم،
الظلّ يخفي تحته مساميرَ
شظايا صليب
أظافرَ، وأسناناً حادّة.
الرفاق القدامى يبهتون
يقتاتون على موائد الغيلان والضباع
المتمرّدون يُلقون بأنفسهم من الشبابيك
والقدّيسون أنفسهم يركعون
في إسطبلات الخنازير.
نشيد البحر فقط
يَبقى أميناً لنغمته.
والقمر المنفيّ صديقٌ أزلي.
■ ■ ■
البحر يُولول
والأرض السائبة تُطالب بنهاية.
منهكة هي أضواء القرى
مِن إفشاء عذاباتٍ لا فكاك منها وحفظها.
أستحضرُ الجهل،
والعمى.
■ ■ ■
لا أعرف ماذا أقول بعد الحبّ
حُبّ لا يوصف
أعلم أني أكلّم نفسي
ولا أدري إن كان ذلك جرّاء الكوليرا، الحياة
أم الحكومة السارقة.
■ ■ ■
خذيني إلى غروب الشمس
عند الشروق سيكون الوقت متأخّراً.
اقذفيني بقوّة،
إلى تلك الأقاليم
حيث يبدأ النفَس.
خذيني بين الحصى
إلى الشاطئ
ودَعيني
بين الشقوق أتخفّى
وأزرعكِ
زمناً يهمس في أذني.
طعمك طعم الهواء
والدوخة.
خذيني إلى غروب الشمس
عند الشروق سيكون الوقت متأخّراً.
■ ■ ■
كلّميني بِدِعة
بلسانكِ أنتِ
ومرّري لي الهواء
من بين شفتيك وراحتيك.
مرّري لي النار
والعذاب
والملح
والماء.
اخلعي عني الخطى
النوم
وحرّيتي.
■ ■ ■
أتعثّر
على الطريق
مطارَداً،
أبحث عن السلام
وقصصٍ مختصرة
وكلمات ملتوية
وانطباع فاحش بالقبض على بيت شعر
أو علامة
عن حب الحياة
ما بقي لي من أمي
أمعاء زائغة
نُكشت من مدفنها وفسدت
لكنّها لا تزال بين موتى لا يكفّون عن الموت
شاهدين على قيامات مشوّهة.
أنا راحل. كي لا أنظر خلفي.
كي لا أنظر عميقاً
داخلي.
لأن المِزَق
لا يُزهر عنها
سوى ورود شاحبة.
بطاقة
Emilio Nigro شاعر وناقد مسرحي إيطالي من مواليد 1981. يتعاون مع مجلات إيطالية عدة في مجال النقد المسرحي. حصل على جائزة "نيكو غاروني" "للنقّاد الأكثر حساسية تجاه تغيرات المسرح" (سيينا، 2011)، كذلك كتب وأخرج مسرحيات عديدة بين 2010 و2018. من إصداراته الأُخرى مجموعات قصصة وشعرية عديدة، آخرها "أوديب المطارد" التي تفتتح بها سلسلة "أيقونات" عن منشورات Les Flâneurs أول إصداراتها الشعرية. القصائد المترجمة هنا مقتطفةٌ من هذه المجموعة، وهي تُنشَر بالتزامن مع صدور الأصل الإيطالي.
* ترجمة عن الإيطالية: أمل بوشارب