في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والفلسفية والثقافية والنقد المسرحي والسيرة الذاتية والرواية وأدب الرحلات.
■ ■ ■
صدر عن "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية" كتاب "رجال من فلسطين كما عرفتهم"، من تأليف عجاج نويهض وجمع وتصنيف بيان نويهض الحوت. يضيء العمل العديد من النخب السياسية والعلمية والأدبية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية في فلسطين خلال القرن العشرين، حيث يضمّ الفصل الأول تراجم لأكثر من مئتي شخصية عرفها المؤلّف، وأطلق على هذه "التراجم" أوصاف اللُّمَع أو القبسات أو الشذرات. بينما يضمّ الفصل الثاني مقالات حول قادة الثورات والشهداء، والقيادات السياسية، ورؤساء الأحزاب، والمؤرخين، ورجال الدين والتربية والصحافة.
عن "المؤسّسة العربية للدراسات والنشر"، وبالتعاون مع "دار السويدي"، صدر كتاب "الدرر البهيّة في الرحلة الأوروبية، 1889" لمحمود أفندي عمر الباجوري، بتحقيق عامر سلمان أبو محارب. حاز العمل "جائزة ابن بطّوطة لأدب الرحلة" (فرع تحقيق المخطوطات) هذا العام. وفي مقدّمته، يوضّح المُحقّق أنّ الباجوري أُوفد من طرف الحكومة المصرية إلى السويد والنرويج لحضور "المؤتمر العلمي المشرقي" الثامن عام 1889، وكتب نصّاً يُراوح بين الكتابة الرحلية التسجيلية والكتابة الإبداعية، ويضيء على جانب من الثقافة في مصر أثناء عصر النهضة.
يجمعُ ريكارد سوليه، في كتابه "الميتات كلّها" الصادر حديثاً عن دار "كريتيكا" الإسبانية، تراث الذين كتبوا عن الموت في الأدب والسينما والمسرح والفلسفة والعلم، مطبّقاً نظرة علمية ونقدية لإعادة التفكير في السيناريوهات التي يمكننا من خلالها التحدّث عن الموت بشكل جدّي. يقدّم الكتاب بعض الإجابات الجديدة حول أسئلة عن الخلود، وإمكانية تجنب الموت، وكيف تنشأ وتتطور فكرة الحياة البشرية المحدودة، وحول ما إذا كان يمكن للآلة الواعية أن تكون أبدية، أو ما إذا كان بإمكاننا التلاعب بقواعد الخليّة لمنع زوال البشرية.
"أن تفكّر: أن تقول لا" عنوان النسخة العربية من كتاب للفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، صدر حديثاً عن دار "الساقي" بترجمة جلال بدلة. العمل في الأساس نصُّ درس ألقاه دريدا في "السوربون" مطلع الستينيات حول مُواطنه، الفيلسوف آلان، الذي تُنسَب إليه العبارة الواردة في العنوان. ويرى دريدا في الرفض علامة على التفكير الأصيل، حيث الفكر الحقيقي قلقٌ دائمٌ وحركة من النفي المستمر: إنه رفضٌ للتعصّب العقائدي والسياسي والديني، وللأحكام المسبقة، وللمسلّمات، وهو تحدٍّ فكري في وقتٍ يصعب التمييز فيه بين الفكر والمعتقد.
"في انتظار خبر إنّ" عنوان رواية للباحث والمُترجم التونسي الطاهر لبيب (1942)، صدرت عن "دار محمد علي الحامي" و"منتدى المعارف". هذا هو العمل الروائي الأوّل للبيب الذي صدرت له عدّة مؤلَّفات في علم الاجتماع بالعربية والفرنسية؛ من بينها: "سوسيولوجيا الغزل العربي: الشعر العذري نموذجاً" (1972)، و"سوسيولوجيا الثقافة" (1978)، و"غرامشي في العالم العربي" (مع ميشيل بروندينو، 1994)، و"صورة الآخر: العربي ناظراً ومنظوراً إليه" (1999)، و"الربيع العربي إلى أين؟ أفق جديدة للتغيير الديمقراطي" (مع مجموعة مؤلّفين، 2012).
"النظرة البعيدة: لِمَ نحتاج إلى تغيير الطريقة التي يرى بها العالم الوقت؟" عنوان كتاب صدر حديثاً بالإنكليزية عن دار "هاشيت" للباحث ريتشارد فيشر. يبيّن المؤلّف أن البشرية التي امتلكت فهماً مختلفاً للوقت، وقدرةً على فهم الماضي والمستقبل، تأثّرت بالتكنولوجيا الحديثة والرأسمالية اللتين تسبّبتا بخلق حركة محدودة للأفراد الذين يعيشون على وقع أخبار تتغيّر بين ساعة وأُخرى، وأهداف قصيرة المدى لأفعالهم وذاكرتهم. ويناقش فيشر كيفية استعادة الرؤية التي حكمت الناس في العصور القديمة تجاه الوقت وعلاقته بالعمل والعيش.
"التغيّر الأخلاقي: الديناميات والبنية والمعيارية" عنوانُ كتاب للباحثة سيسيليا إريكسن، تصدر ترجمته العربية هذه الأيام لدى منشورات "ابن النديم" و"الروافد الثقافية" بتوقيع مصطفى سمير عبد الرحيم. يقدّم العمل وصفاً للنحو الذي تتغيّر من خلاله المُثُل والقيَم، حيث تدرس العديد من هذه الحالات ــ ولا سيّما الحاصلة في العالَم الغربي ــ بالتركيز على وثائق قانونية وأدبية وفنية، إلى جانب أبحاث في التاريخ والأنثروبولوجيا، ضمن قراءة تنهل من الفلسفة التحليلية ولا سيّما من اشتغالات النمساوي لودفيغ فيتغنشتاين.
عن وزارة الثقافة الأردنية و"الآن ناشرون وموزعون"، صدر كتاب "المضامين الفكرية في مسرحيات جمال أبو حمدان" للباحث باسم الدلقموني. يحلّل العمل خمسة نصوص ألّفها الكاتب المسرحي الأردني (1944 - 2015) بدءاً من الستينيات وحتى التسعينيات، مبيناً أنها تنشد قيَم العدل والمساواة وحرّية المرأة، مع التركيز على الحسّ الجمعي لهذه المسرحيات في بُعدها القومي والإنساني وكذلك تناول قضايا الواقع ومشكلاته، بحيث تشكّل المضامين السياسية والاجتماعية، بالإضافة إلى التصورات والمفاهيم الفلسفية، محوراً أساسياً في مسرح أبو حمدان.
"تاريخ الشارع: من العصر القديم إلى أيامنا هذه" عنوان كتاب جماعي صدر حديثاً بالفرنسية لدى منشورات "تالاندييه"، بتحرير المؤرّخة الفرنسية دانييل تارتاكوفسكي ومشاركة العديد من المؤرّخين وعلماء الاجتماع المختصّين بالمسائل الحضرية والمدينية. يركّز العمل بشكل أساسي على فرنسا، حيث يرصد التغيّرات في كيفية بناء الشوارع وتعامل الناس معها، من خطّ واحد في المدينة تمشي بقربه الماء خلال الفترات القديمة إلى "مسرح" مزدحم بالمارّين والعربات والأوساخ خلال العصر الوسيط، وصولاً إلى اتخاذه بُعداً سياسياً خلال الحداثة.
"سلالة السنديان" عنوان السيرة الذاتية التي صدرت للناقد والكاتب الفلسطيني - الأردني إبراهيم السعافين (1942) عن "الأهلية للنشر والتوزيع". بدأ السعافين مسيرته الأدبية أواسط الستينيات، وقدّم خلالهاعشرات الكتب النقدية. من مقدّمة الكتاب نقرأ: "قرّرتُ أن أكتبَ سيرتي الذاتية، وهي تقع بين حدّين: حدّ النموذج الذي يرى فيه كلّ أبناء جيلي سيرته الذاتية، وخاصة جيل النكبة الذين خرجوا أطفالاً لا يشعرون بمعنى الطفولة... وحدُّ الصورة الإنسانية التي تلقى تشابُهاً في مختلف الأوضاع الإنسانية، مهما تختلف الثقافات والأُمم والأعراق".
عن "دار شهريار للنشر والترجمة" صدر كتاب "تخييل التاريخ في الرواية العربية 2000 - 2019"، للباحث العراقي محمد فاضل المشلب. ينطلق الكتاب من تساؤل عام: لماذا يذهبُ الروائي إلى التاريخ ويقول ما كان من المفترض أنَّه قيل وبات في حُكم المنتهي؟ وفي سبيل الإجابة على هذا، يُعيّن المشلب مجموعة من الإصدارات الروائية العربية، مُحافظاً فيها على التنوّع الجغرافي، قبل أن ينتقل إلى تناول مسألة المدوّنة التاريخية، وما فيها من جوانب قد تنقص المؤرّخ أثناء اشتغاله عليه، وبالتالي تدفع كلّ هذه الثغرات الروائيّ لخلق كونٍ سرديٍّ آخَر.