في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية واللغوية والتحليل التفسي والسيرة الذاتية والرواية والترجمات الشعرية.
■ ■ ■
عن "المركز العربي في واشنطن" صدر حديثاً، بالإنكليزية، الكتاب الجماعي "بايدن والشرق الأوسط: دربٌ صعبٌ منتظَر"، والذي قام بتحريره كلّ من محرّرة المنشورات في المركز، زينة عزّام، ومدير البحث والتحاليل فيه، عماد حرب. يضمّ المؤلَّف مساهماتٍ لعشرين باحثاً وكاتباً، من المقيمين وغير المقيمين في المركز. ويقدّم تحليلات لسياسات الرئيس الأميركي الجديد في الشرق الأوسط والخليج والمغرب العربيين، وكذلك في بلدان مجاورة، مثل إيران وتركيا، طارحاً، في الوقت نفسه، أسئلةً حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة.
"عُلَب الرَّغبة"، عنوانُ الرواية الأخيرة للشاعر والروائي اللبناني عبّاس بيضون، الصادرة حديثاً لدى "دار العين للنشر" في القاهرة. تحكي الرواية قصّة فتاةٍ اسمها ندى، وتجعل ممّا تعيشه مرآةً تكشف من خلالها الواقع اللبناني والصراعات والانقسامات التي تعتمل فيه. عملٌ يبدأ بجريمة قتْل تفتح واسعاً بابَ الاحتمالات السردية والوقائع التي تنتظر شخوصَه. قبل "عُلَب الرَّغبة"، سبق لعبّاس بيضون (1945) أن أصدر العديد من الروايات، كان آخرُها "خريف البراءة" (2016، دار الساقي)، و"شهران لرُلى" (2018، دار الساقي).
تحت عنوان Exhausted on the Cross صدرت عن دار "نيويورك ريفيو بوكس" New York Review Books الترجمة الإنكليزية لديوان الشاعر الفلسطيني نجوان درويش "تَعِبَ المعلَّقون" بتوقيع كريم-جيمس أبو زيد.
الديوان هو الثاني للشاعر الذي تصدر ترجمته عن الدار نفسها بعد Nothing More to Lose في 2014. كتب مقدمة الترجمة الشاعر التشيلي راؤول زوريتا الذي اعتبر المجموعة "واحدة من لحظات الذروة في شعر نجوان درويش وذرى الكتابة في زماننا". يُذكر أن "تَعِبَ المعلَّقون" صدر لأول مرة في طبعة مشتركة بين "دار الفيل" في القدس و"المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت عام 2018.
عن "دار الحوار" في سورية صدرت حديثاً ترجمة نصّ الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، "فرويد ومشهد الكتابة"، بتوقيع الباحث والمترجم السوري إبراهيم محمود. في هذا النص، الذي يمثّل فصلاً من واحد من أكثر كتب دريدا أهمّيّة، "الكتابة والاختلاف" (1967)، يتناول دريدا عدداً من مفاهيم التحليل النفسي انطلاقاً من تحليلٍ للنظام الكِتابي الذي تبنّاه فرويد. من النصوص الفرويدية التي يعالجها هنا دريدا "تصوّرٌ لعلمِ نفسٍ علميّ" (أنجزه فرويد عام 1896 لكنه لم ير النور إلا في 1948) و"ملاحظاتٌ حول الكرّاسّة السحريّة" (1925).
في "كيتس: حياة قصيرة في تسع قصائد ومرثيّة واحدة"، الصادر حديثاً بالإنكليزية لدى منشورات "بنغوين بوكس" في لندن، تقدّم الكاتبة البريطانية لوكاستا ميلر سيرةً جديدة للشاعر البريطاني الشهير الذي تمرّ هذا العام ذكرى رحيله قبل مئتي عام (1795 ـ 1821). تعرض ميلر حياة كيتس انطلاقاً من التنقيب في خلفيات عشرة من نصوصه الأكثر شهرةً، مستغلّةً سياق كتابة هذه النصوص ونشرها وحديث كيتس حولها للإضاءة على مفاصل أساسية من تجربته التي أوقفها رحيله المبكّر. وهي تمنح القارئ، في الوقت نفسه، مدخلاً للولوج إلى عوالم الشاعر.
صدر حديثاً عن "دار محمد علي" كتاب "من قضايا البؤرة في اللسانيات" للباحثة التونسية سرور الحشيشة. تشير المؤلفة إلى أن مفهوم البؤرة من المفاهيم التي اشتغلت عليها النظريات اللسانية على اختلاف فروعها ومدارسها لمعالجة الأبنية اللّغويّة ووصفها في مختلف مستويات التّمثيل النّحوي وتفسير الكيفيّة التي تنتظم بها أثناء المعالجة الذهنيّة للكلام. عبر هذا المفهوم تفسّر الحشيشة كيف يُمكن للكاتب جعل عنصر ما من النص ظاهراً أكثر من باقي العناصر. تضيء المؤلفة أيضاً موقع هذا المفهوم ضمن نظريات اللغة التداولية والعرفانية.
فصلٌ غير معروف تماماً من سيرة الفيلسوف الفرنسي يكشفه عنه صديقه الأميركي سيميون وايد (1944 ـ 2017) في كتابه "فوكو في كاليفورنيا"، الذي صدرت ترجمته الفرنسية قبل أيام لدى "منشورات زون" في باريس. يروي وايد ـ الذي عاش في الظلّ حياةً بدأها كمدرّس وأنهاها كممرّض في مستشفى نفسيّ ـ ليلةً قضاها في صحراء موهافي، جنوب كاليفورنيا، بصحبة المفكّر الفرنسي (1926 ـ 1984) خلال إقامته الأميركية. يكشف النص، الذي يبدو أيضاً كنصّ سرديّ أدبي قائم بذاتي، عدداً من آراء فوكو عبر حوار يراوح بين المواضيع الفكرية والحميمية مع وايد.
بترجمة مصطفى سمير، صدرت أخيراً النسخة العربية من "موسوعة بلومزبري في فلسفة الطب النفسي" وهي عمل جماعي أشرف عليه كل من: شريفة تكين وروبين بلوم، في طبعة مشتركة بين "الروافد الثقافية"، و"دار ابن النديم". يتألف الكتاب من ستة وعشرين فصلاً موزّعة على ثمانية أقسام يقدّم المشاركون فيها الموضوعات والأسئلة المركزية التي تشغل باحثين تقع الإشكاليات التي يشتغلون عليها بين تخصّصات الفلسفة وعلم النفس، حيث إن كل مفهوم يجري تقديمه يُناقش من الزوايا الميتافيزيقية والإبستمولوجية والنفسية، ومن خلال المنظورات الاجتماعية.
"المجتمع المريض: كيف تؤثّر فينا الجائحة" عنوان كتاب صدر حديثاً لعالم الاجتماع الفرنسي جان بيير لوغوف عن منشورات "ستوك". يرى المؤلف أن جائحة كورونا كانت مناسبة لاكتشاف مواطن هشاشة جديدة في المجتمعات الحديثة، ومنها إدارة المجال الصحي أو منظومة البحث العلمي التي أخفقت في فهم الفيروس مخبرياً. يرى لوغوف أن الأزمة الصحية العالمية كشفت أيضاً ضرورة العودة إلى مجموعة من القيم الإنسانية التي مثّلت الضمانة الأخيرة للمجتعات أمام الجائحة مثل نزعة التطوّع لدى أعوان الصحة أو التضامن بين الجيران خلال فترات الحجر.