في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والسياسية والفكرية، وفي السيرة الذاتية زالقواميس والسينما والاجتماع السياسي.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر حديثاً كتاب "تركيا: التاريخ السياسي الحديث والمعاصر (1923-2018)" للباحث يوسف حسين عمر. ينطلق العمل من خلفيات انهيار الإمبراطورية العثمانية حين يدرس دخولها في الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا، وتسبّب ذلك في مزيد إنهاك الدولة، ما أدى إلى تقوية خصومها في الداخل وصولاً إلى إعلان مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية في 1923 وإنهائه للخلافة العثمانية. يصل العمل إلى العقد الماضي الذي تميّز بإدارة "حزب العدالة والتنمية" لشؤون البلاد.
بترجمة سلمى بالحاج مبروك، صدر عن منشورات "الهجّان" في مصر كتاب "التسامح القمعي" للمفكّر الألماني هربرت ماركيوز، الذي يتناول تناقضاً يحمله مفهوم التسامح، ويتمثّل في ضرورة عدم التسامح تجاه بعض المواقف، والتي لن يكون التسامح ممكناً ــ كواقعةٍ اجتماعية ــ من دونها. يرى ماركيوز (1898 ــ 1979) أنّنا لا نجد في التاريخ الحديث أيّ سلطة نجحت في ترجمة التسامح إلى واقع عملي، مشيراً إلى أنّ ذلك لا يمنع أن يكون دور المثقفين متمثّلاً في تطوير هذه الفكرة الطوباوية، باعتبارها تمثّل رادعاً لقمع السلطة.
"فلسطين في قرارات القِمم العربية والإسلامية" عنوان كتاب من إعداد وتقديم ماهر الشريف وخالد فرّاج، أصدرته حديثاً "مؤسسة الدراسات الفلسطينية". يضمّ العمل قرارات القمم العربية والإسلامية الخاصة بقضية فلسطين والقدس المحتلّة (منذ القمة العربية الأولى في أنشاص سنة 1946 حتى قمة تونس في 2019، ومن القمة الإسلامية بالرباط عام 1969 حتى قمّة مكّة في 2019). يمهّد المحرّران للقرارات بمقدّمات قصيرة تدرجها في سياقها التاريخي. عمل يبيّن عدم التزام بعض البلدان بما أقرّته، ويُظهر تنكّرها لفلسطين عبر تطبيعها مع إسرائيل.
عن "دار الرافدين" في بيروت و بغداد صدر حديثاً كتاب "محاورات غوته مع إيكرمان وسوريت"، وهي النسخة العربية التي وضعها المترجم إبراهيم جار الله لعمل الكاتب الألماني يوهان بيتر إيكرمان "محادثات مع غوته في السنوات الأخيرة من حياته" (صدر بالألمانية عام 1836). تعرّف إيكرمان إلى غوته بعد إطلاعه الأخيرَ على دراسة له حول الشعر، ليصبح فيما بعد أحد تلامذته. علاقةٌ توطّدت عبْر هذه المحادثات التي أجرياها في مدينة فايمار، والتي يكشف فيها غوته عن آرائه حول الفن والأدب وبعض القضايا السياسية التي انشغل بها عصرُه.
عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" صدر أخيراً عملٌ للكاتب السوري مضر رياض الدبس، بعنوان: "في ضوء الألم: تفكير في بُنى الاجتماع السياسي السوري". يتألّف الكتاب من أربع دراسات، هي "دور البنية الاجتماعية في السلوك العصبوي للنظام السوري"، و"النمط الاستقرائي للمعارضة السورية ودوره في غياب الاتساق"، و"مفهوم الدولة السورية بين الإسلام والحداثة"، و"صيانة المشروع الوطني السوري". يقدّم الكاتب عمله كمساهمة في "تحريضٍ وطني لتكوين فضاء عمومي سوري، تكون فيه الحقيقة تواصلية، ويشارك فيه الجميع، ولا تحتكره النخبة".
"وحيد القرن الذهبي: تاريخ العصور الوسطى الأفريقية" عنوان النسخة الإنكليزية من كتاب فرانسوا كزافييه فوفيل بترجمة تروي تايس التي صدرت عن "منشورات جامعة برينستون". يتناول الكتاب تاريخ القارة منذ مولد الإسلام خلال القرن السابع وحتى رحلات الاستكشاف الأوروبية في القرن الخامس عشر، حيث كانت هذه الفترة ثرية بتبادل السلع والأفكار وبرزت ممالك مهمّة في غانا والنوبة وزيمبابوي على مفترق طرق الحضارات، حيث لعب ملوك ومفكرون وفنانون أفارقة أدواراً مهمة ضمن مجتمعاتهم المتنوعة ثقافياً ما بين العالمين الإسلامي والمسيحي.
كيف يكون الحال إذا سكَنَت روحك جسداً أسود؟ هذا واحدٌ مِن التساؤُلات الكثيرة التي يطرحُها كتاب "بين العالَم وبيني" للكاتب والصحافي الأميركي تا نيهيسي كوتس، والذي صدر حديثاً عن "دار التنوير" بترجمة محمد فتحي خضر. نُشر العملُ لأوّل مرّة باللغة الإنكليزية عام 2015، وقد صاغه مُؤلّفه ذو الأصول الأفريقية في شكلِ رسالةٍ إلى ابنه المراهق، يروي له فيها تجاربه الشخصية، ومِن خلالها يضيء على العنصرية ضدّ السود في الولايات المتّحدة؛ حيث يرى أنَّ الأميركيّين (البيض) بنوا إمبراطوريتهم على فكرة العرق (اللون).
يستند الناقد المصري أمير العمري في كتابه "سينما الهلاك: اتجاهات وأشكال السينما الصهيونية" الذي صدر حديثاً عن "دار خطوط وظلال" إلى خلوّ المراجع الأجنبية من مصطلح "السينما الصهيونية" مقابل العديد من الكتب والدراسات المنشورة حول "السينما اليهودية"، وهو تعبير امتدّ إلى المراجع النقدية العربية أخيراً، ما يثير التساؤل، بحسب الكتاب، حول الترويج لهذا المصطلح الذي يعتمد تقسيماً دينياً تمّ تجاوزه في السينما العالمية، والإصرار على إقامة مهرجانات في باريس وبروكسل ونيويورك ولندن وغيرها لعرض أفلام يهودية.
عن منشورات "بلون" و"فايار" الفرنسية، صدر مؤخراً كتاب "القاموس العاشق للجغرافيا السياسية" للكاتب ورجل الدولة الفرنسي هوبير فيدرين (1947) . يشير المؤلف في تقديم العمل إلى أن ميزة هذا القاموس هو أنه ينهل من احتكاك واقعيّ بعوالم الجغرفيا السياسية والعلاقات الدولية، بما أنه شغل في وقت سابق منصب وزير الخارجية في فرنسا. يربط الكتاب بين شخصيات عرفها فيدرين بشكل مباشر مثل فرانسوا ميتران وجاك شيراك، وشخصيات تاريخية يرى أنها لا تزال فاعلة في عالمنا اليوم مثل نابليون بونابرت وأدولف هتلر وماو تسي تونغ وجوزيف ستالين.
في كتاب "السكّان الأصليون لأمريكا الشمالية: خرافات وأساطير"، الذي صدر حديثاً عن "دار العائدون للنشر والتوزيع" بترجمة وتحقيق صابرينا سخنيني، نقرأ مجموعةً واسعةً مِن القصص والأساطير والمرويات الشعبية الخاصّة بقبائل النصف الشمالي مِن القارّة الأميركية. تشكّل هذه النصوص، التي جمعها عددٌ من الكتّاب والأكاديميّين الغربيّين، نافذةً للاطلاع على الثقافات الأصلية في المنطقة، وهي تناول مواضيع شتّى؛ منها ما يتعلَّق بكيفية تكوُّن العالَم وبدء الخلق، ومنهما ما يتحدّث عن كيفية التصرُّف في المواقف المختلفة.
انطلاقاً مِن مقولة المفكّر الفلسطيني إدوارد سعيد، "على كلِّ فلسطيني أن يكتُب قصّته"، يكتُب المناضِل الفلسطيني صلاح الموسى سيرته الذاتية في كتابٍ صدر حديثاً عن "دار دجلة" تحت "قبل النسيان"، في إشارة إلى أنه مساهمةٌ في توثيق جانب من الذاكرة الفلسطينية. يسير العملُ، كما يكتب الباحث مروان دويري في تقديمه، ضمن قصّتَين متوازيتَين: "قصّة مناضل مبدئي، وقصّة قضية وطنية عادلة". يعود بنا المؤلِّف إلى مقاوَمة سكّان قرية العبّاسية العزّل للعصابات الصهيونية عام ١٩٤٨، قبل أنْ يستطرد في الحديث عن العمل الثوري الفلسطيني ومآلاته بعد اتفاق أوسلو.