في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الفكرية والتاريخية والسياسية والتحليل النفسي وتاريخ الأوبئة والتعليم والقصة القصيرة والسيرة.
■ ■ ■
عن "منشورات أوريون"، تصدر هذه الأيّام النسخة الفرنسية من كتاب "في الإجابة عن سؤال: ما السَّلفية؟"، للمفكّر العربي عزمي بشارة. الترجمة، التي وضعتها ماريان بابو، حملت عنوان "ما السلفية؟"، وقدّم لها هنري لورنس، أستاذ تاريخ العالم العربي المعاصر في "كولّج دو فرانس"، وستيفان لاكروا، وهو باحث في "معهد العلوم السياسية" في باريس. يحلّل بشارة تطوّر السَّلفية عبر مراحل تغطّي مجمل تاريخ الإسلام. من أبرز مقترحات الكتاب قراءته الجديدة للعلاقة الإشكالية بين سلفية أهل الأثر وسلفية ابن تيمية، التي انبثقت منها الوهابية.
ينطلق مارك سولمز في كتابه "الربيع الخفي: رحلة إلى مصدر الوعي"، الذي صدر حديثاً عن "منشورات دبليو دبليو. نورتون آند كومباني"، من تفسير فرويد للحلم بأنه تعبير عن رغبة غير واعية، وتوصّل من خلال بحثه كعالم في الأعصاب إلى أن المرضى الذين يعانون من تلفٍ في جزء الدماغ المسؤول عن النوم يحلمون رغم ذلك، حيث يلعب جزء آخر في الدماغ دور توليد الرغبات الذي يظلّ موجوداً، كما لو أن هذا الاكتشاف الجديد يعني أن علم الأعصاب مدين لفرويد باعتذار، ما يعيد الاعتبار إلى أهمية الدافع والرغبة في حياتنا وأنشطتنا العقلية.
"اضمحلال الإمبراطورية الساسانية وسقوطها: التحالف الساساني - الفرثي والفتح العربي لإيران" عنوانُ النسخة العربية من كتاب الباحثة الأميركية من أصل إيراني بروانة بُرشريعتي، وقد صدرت حديثاً ضمن سلسلة "ترجمان" عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بترجمة أنيس عبد الخالق محمود. يضيء الكتاب على أسباب الانهيار السريع و"الكارثي" للإمبراطورية الساسانية، التي بدت قويّة وآمنة خلال القرن السابع الميلادي أمام جيوش الفاتحين العرب. أهم هذه الأسباب الانقسامات الداخلية في الإمبراطورية، والتفكّك والفوضى عشية الفتح.
يعود الباحثان زياد الزعبي وأحلام مسعد بالتحقيق والدراسة في كتابهما "الشرق والغرب واللقاء المستحيل: "الصحائف" لأبي الفضل الوليد" الذي صدر حديثاً عن "الآن ناشرون وموزعون" إلى الشاعر اللبناني إلياس طعمة (1903 - 1947) الملقب بأبي الفضل الوليد، الذي عاد إلى بلاده بعد سفره إلى البرازيل، وكتب صحائفه التي أصدر فيها موقفه الصارخ باعتبار الغرب، ممثلاً ببريطانيا وفرنسا، أساس الشر في العالم، بسبب استعمارهما للعالم العربي، وما مارساه من مجازر وعنف بحق العرب، رغم ادعائهما تحقيق العدالة ونشر الديمقراطية.
"ما قبل الاستشراق: الإسلام في الفكر الديني المسيحي"، عنوان كتاب الباحث المغربي عبد الإله بلقزيز، الصادر حديثاً عن "مركز دراسات الوحدة العربية". انطلاقاً من تساؤل حول جذور الاستشراق، وإنْ كان ذا خلفية حداثية عقلانية، أم مرتبطاً بعناصر من الفكر الديني المسيحي في القرون الوسطى، يقدّم بلقزيز إجابة تميل إلى الاحتمال الثاني. في أربعة فصول، يحاول الباحث تأثير نصوص أوروبية لاهوتية وتاريخية، حول الإسلام، وُضعت في العصور الوسطى، على الصّوَر التي ستُمنَح للإسلام لاحقاً، والتي سيعيد الاستشراق الحديث إنتاجها.
بترجمة إيهاب عبد الحميد، صدر عن "دار ذات السلاسل" كتاب "الإنفلونزا العظمى" للكاتب والمؤرّخ الأميركي جون إم. باري. يعود العمل، الذي صدر بالإنكليزية عام 2004، إلى الإنفلونزا الإسبانية التي أصابت قرابة خمسمائة مليون شخص حول العالَم عام 1918، وتسبّبت في موت نحو مائة مليون؛ حيث يوثّق تفاصيل ذلك الوباء، ويستعرض جهود تطوير العلوم الطبّية في الولايات المتّحدة لمواجهته. مِن مؤلّفات باري الأخرى: "قصّة حقيقية عن واشنطن"، و"فيضان المسيسبي العظيم عام 1927 وكيف غيّر أميركا"، و"روجر وليامز وخلق الروح الأميركية".
عن "دار الشروق"، صدر حديثاً كتاب "البدايات والنهايات: أعوام نجيب محفوظ" للصحافي المصري محمد شعير، والذي يضع فيه ما يشبه سيرة موازية لطفولة الروائي المصري الراحل، انطلاقاً من نصّ كان مفقوداً بعنوان "الأعوام" كتبه حين كان في الثامنة عشرة من عمره، ووصولاً إلى كتابه "أصداء السيرة الذاتية" الذي صدر عام 1994. يُحلّل العمل، الذي يتضمّن وثائق بعضُها يُنشر لأوّل مرّة، أعمال محفوظ خلال فترات مختلفة من حياته، كما يتطرّقُ إلى علاقته بالآخرين وتفاعُله مع الأحداث، ويُقدِّم إضاءة تاريخية على أحوال مصر في كلّ فترة.
"مملكة الضحك" عنوان كتاب للباحث العراقي خضير فليح الزيدي صدر حديثاً عن "دار سطور". انطلاقاً من أسئلة مثل: هل تحمل النكتة الحديث اليومي في خطابها؟ وهل في صياغتها ما هو عقلاني أو واقعي أو سيادة لما هو رمزي بدلالته؟ يحاول العمل فهم جانب من الثقافة الشعبية في العراق متمثّل في النكتة، التي يلاحظ المؤلّف أنّها تتّسم بالعُري وبخطاب غير عقلاني هو نتاج ثقافة شعبية تحمل في طيّات لغتها ما يلمّح إلى نسق الخطاب وأخلاقه. ليس الكتاب عملاً تنظيرياً، بل سرد لجولات يقوم بها الزيدي في عدد من الأحياء الشعبية في بغداد.
بترجمة وئام غداس، صدر حديثاً كتاب "السيرة غير المعروفة لـ ميلان كونديرا" لـ أريان شومان، عن منشورات "ترياق". عبر سلسلة من المقالات - سبق أن نُشرت في جريدة "لومند" الفرنسية - يقتفي الكتاب محطّات من حياة الكاتب التشيكي ويضيء جوانب متفرّقة من مسيرته. تتناول هذه المقالات مواضيع مثل العائلة، الموسيقى، السياسة، الأدب، المنفى، الحب، الوطن، الصداقة، الخوف، لكن هذه المقالات لا تكتفي بما هو متوفر من معلومات عن كونديرا، ومعظمها كان هو مصدرها، بل تعتمد على جهد تحقيقيّ يقارن بين مختلف الروايات حول سيرة كونديرا.
تبحث أستاذة علم الاجتماع جيني جيرمان مولز في كتابها "العالم هو فصلنا الدراسي: الأبوّة المتطرّفة وصعود التعليم العالمي" الذي صدر حديثاً عن "منشورات جامعة نيويورك"، الخيبة المتصاعدة لدى فئات عديدة حول النظام التعليمي، حيث تتكرّس فكرة أن الحياة تشكّل أفضل فصل دراسي للطفل، مع تعاظم حضور التكنولوجيا وإمكانية تغيير الناس أمكنة إقامتهم بشكل دائم، وهو ما قاد البعض إلى التمرّد على الانتظام الدراسي ونشوء ظاهرة "التعليم العالمي" الذي يركّز على الحياة والطبيعة والثقافة والتاريخ والعلوم خارج المقررات الدراسية.
تأثيرات الحقبة النيوليبرالية على الزراعة في مصر، يدرسه الباحثان محمد رمضان وصقر النور في كتابهما "عيش مرحرح: الاقتصاد السياسي للسيادة الغذائية في مصر" الذي صدر حديثاً عن "دار صفصافة للنشر"، ويعودان خلاله إلى تاريخ رسملة الزراعة المصرية، وعلاقات السوق في المحاصيل التجارية، وكذلك التحولات الاجتماعية في مكانة الزراعة في الريف المصري. ويخصّصان فصلاً للخبز كدراسة حالة عن السيادة الغذائية لمصر، ويقدّمان تحليلهما بناء على دراسات نظرية وعلى مسوحات ومقابلات ميدانية تضيء نماذج من الأنشطة الزراعية في ريف مصر.
تعود الباحثة حنين أحمد في كتابها "ناظم الغزالي: صوت لا يعرف الموت" الذي صدر حديثاً عن "دار ماركيز" إلى سيرة المطرب العراقي (1921-1963) منذ بدايات تعلّمه أصول الغناء على يد عدد من مشايخ الطرب والموسيقيين العراقيين وعلاقته بالمسرح، حيث درسه أكاديمياً في "معهد الفنون الجميلة"، وبدايات ظهوره في عدد من المسرحيات خلال الأربعينيات، ثم انضمامه إلى فرقة الموشحات في الإذاعة والتلفزيون وتفرّغه للغناء، ثم زواجه بالمطربة سليمة مراد، وشهرته الواسعة في العراق والعالم العربي، وحفلاته الأخيرة في مدن مثل باريس ولندن.
عن منشورات "الجمل"، صدرت مؤخراً مجموعة قصصية جديدة للكاتب والمحلل النفسي التونسي أيمن الدبوسي بعنوان "انقلاب العين". نقرأ ضمن تقديم الكتاب: "هذا كتاب عن الشّمس والدّم والحبّ والموت والله والتّخوم وكلّ ما يقلبُ العين والحشا. حرّرته بشرايين مفتوحة، فهو القلب عارياً مثل ارتماءة خارج الذّات. وبعد، فهو أنوارٌ داميةٌ". يأتي هذا العمل بعد عملين سابقين للكاتب التونسي؛ "انتصاب أسود" وفيه قدّم رؤية للثورة التونسية ضمن جنس الرواية، و"أخبار الرازي"، وفيه يضيء كواليس عالم مستشفيات الأمراض العصبية.