في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين تاريخ الفن والأنثربولوجيا والتاريخ المعاصر والدراسات الفكرية والسياسية والثقافية.
■ ■ ■
في كتابه "ألبرت والحوت: ألبريشت دورر وكيف يتخيّل الفن عالمنا" الذي صدر حديثاً عن "منشورات فورث ستيت"، يتناول الباحث فيليب هوار الأفكار المبتكرة التي قدّمها الفنان الألماني (1471-1528) في محاكاته للطبيعة، وظهرت في لوحات رسم فيها الخيول والكلاب والأرانب البرية ووحيد القرن والعناكب والسلطعونات، مبرزاً أدقّ التفاصيل بأسلوبه الواقعي المشابعه لرسمه القديسين والأيقونات الكنسية، بشكل بدا لافتاً للنقاد ومتابعي الفن، وعكس تجواله في هولندا وإيطاليا وتعرّفه على تجارب متنوّعة تركت تأثيرها في رسوماته.
"الحياة تحت الصفر" عنوان آخر مجموعة شعرية يوقّعها الشاعر اللبناني عباس بيضون (1945). الكتاب الصادر حديثاً لدى دار "هاشيت أنطوان/ نوفل" يضمّ قصائد كتبها صاحب "الموت يأخذ مقاساتنا" خلال فترة الحجر الصحّي الذي عرفته أغلب أصقاع المعمورة بدءاً من ربيع العام الماضي بسبب جائحة كورونا. في قصيدة "الجهاز"، نقرأ: "هذا الجسد وحيدٌ مع نفسه/ إذا كانت الحياة التي يجرّها حدثت فعلاً/ إنّها خارج الوقت/ ولا عدد لها أو ميعاد/ زمنٌ حرّ يجري كالدم/ زمنٌ لا يزال يتنفّس ويدمدم/ في الداخل/ أقلب خطوة على خطوة/ وأدفنها في داخلي".
بترجمة نانيس حسن عبد الوهاب وابتسام بن خضراء، صدر مؤخراً كتاب "كيف يفكّر الفرنسيون: صورة شعب مثقف" لـ سودير هزاريسنغ عن منشورات "منتدى العلاقات العربية والدولية". يدرس المؤلف السمات التي تجعل من الفكر الفرنسي ذا خصوصية مقارنةً بالإنتاج الفكري في بلدان مجاورة مثل ألمانيا وإيطاليا، كما يحاول تفسير نشوء هذه السمات بمقاربات اجتماعية وثقافية، متناولاً في الوقت ذاته تمركزها حول ذاتها وامتناعها عن فهم الآخر. من النقاط التي يدرسها العمل كيفية تبلور منهج الشك الديكارتي، والفكر الفوضوي الذي نظّر له سان سيمون.
"المصافحة: تاريخٌ أخّاذ" عنوان كتاب الباحثة المختصّة بالأنثروبولوجيا القديمة وبعلم الأحياء التطوّري، آلاء الشماحي، الصادر حديثاً بالإنكليزية لدى منشورات "بروفايل بوكس". تعود الباحثة البريطانية، ذات الأصول السورية واليمنية، إلى البدايات البشرية لفعل التصافح، محاولةً فهم دوره في تطوّر النوع الإنساني، من عقد الاتفاقات بين قبائل العصور القديمة إلى الاغتيالات السياسية المعاصرة. ويمثّل توقّف جزء كبير من المعمورة عن المصافحة، بسبب جائحة كورونا وضرورة التباعد الاجتماعي، نقطة انطلاق الكتاب ونقطة وصوله.
تحت عنوان "ما خفي: مصر بين فاروق وناصر في الصحافة الأميركية"، صدر حديثاً عن "دار العين" كتابٌ للأكاديمي المصري أسامة حمدي. يتناول العمل جانباً من التاريخ المصري المعاصر يتمثّل في الفترة الممتدّة بين تولّي الملك فاروق عرش مصر وحتى رحيل رئيسها السابق جمال عبد الناصر، بالاعتماد على ما كُتب في الصحافة الأميركية مِن أخبارٍ ومتابعات وتعليقاتٍ وحواراتٍ حول الشأن المصري. يعملُ أسامة حمدي أستاذاً في قسم الأمراض الباطنة والسكر بجامعة هارفارد الأميركية، وهو إلى جانب ذلك مهتمٌّ بالأدب والتاريخ المصريَّين.
ضمن سلسلة "طرق الإبداع" التي أطلقتها "منشورات كلمة"، صدر مؤخراً كتاب "محاولات في اللغة والأدب والمواطنة: مسار حياة وبحث" للأكاديمي التونسي محمد كمال الدين قحّة. من خلال أسلوب يجمع بين الكتابة العلمية والمقاربات الذاتية، يلامس قحّة مجموعة من المواضيع التي انشغل بها طوال مساره المهني كأستاذ للأدب الفرنسي في الجامعة التونسية. يقدّم المؤلّف، بالخصوص، قراءات في أعمال عن أدباء وفلاسفة القرن الثامن عشر في فرنسا ومن ثمّ يربط بينها وبين أحداث عايشها وأبرزها مرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس منذ العام 2011.
عن "دار عدنان للنشر"، صدر حديثاً كتاب "الأثر الفكري والسياسي للثورة البلشفية في العراق" للباحث قابل محسن الركابي، الذي يعتبر أن تأثير الثورة البلشفية في تاريخ العراق المعاصر لم يحظَ باهتمام كافٍ من الباحثين، رغم أن العراقيين عرفوا الفكر الاشتراكي منذ وقت مبكر. يتضمن العمل أربعة فصول: "تأثير الثورة البلشفية في المشرق العربي 1917- 1924"، و"التأثير الفكري للثورة في العراق 1917- 1924"، و"تأثير الثورة البلشفية في الثورات والانتفاضات في العراق"، و"التأثير السياسي للثورة البلشفية في العراق 1917- 1924".
عن منشورات "أمستردام"، صدر مؤخّراً كتاب "اللاسامية والإسلاموفوبيا: تاريخ متقاطع" للباحث رضا ضياء إبراهيمي الذي يتصدّى من زاوية سوسيولوجية وتاريخية لظاهرتين وصمتا الحياة الثقافية في فرنسا منذ أكثر من قرن. ينطلق إبراهيمي من مفارقة استسهال توجيه النقد لكلّ ما هو إسلامي مقابل الصمت النابع من مخاوف التتبّعات القضائية من كلّ ما يمكن أن يوصف باللاسامية، ويعني نقد الطائفة اليهودية باعتباره تمييزاً عنصرياًَ. يرصد الباحث كيف أن المسلمين يُستدرَجون إلى منطقة التمييز ذاتها التي دخلها اليهود في منتصف القرن 19.
"الحقل الثقافي المعاصر في المغرب: تحوّلات ونزعات وقضايا" عنوان الكتاب الصادر حديثاً للباحث عبد الله شريق عن "منشورات حلقة الفكر المغربي". يناقش الكتاب التحولات في المشهد الثقافي المغربي منذ ستينيات القرن الماضي بين نزعتين أساسيتين خاضتا صراعاً أيديولوجيا وسياسياً، هما السلفية والاشتراكية، مع ضعف واضح للتيارات الليبرالية وانعكاس ذلك على جميع حقول الأدب والفكر والفنون. كما يحلّل علاقة الثقافة بالتنمية والديمقراطية والإصلاح، والتفاعل الثقافي العربي الأمازيغي، ودسترة الأمازيغية وتباين التصوّرات حولها.
عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، صدرت حديثاً طبعة جديدة من كتاب "الوطنية والتحديثية: دراسات في الفكر الوطني وسيرورة التحديث في المغرب" لسعيد بنسعيد العلوي. بالعودة إلى مرحلة النضال من أجل الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، يؤكّد المؤلف أن عمل الحركة الوطنية المغربية لم يكن يفصل في مهمة التحرير بين بُعدين: تحرير الوطن من الاستعمار، وتحرير العقول من الأسباب التي جعلت استعمار البلد ممكناً، وهو بذلك يشير إلى ضرورة الجمع بين سياسات التحديث والرؤى التحريرية، بإخراج تاريخ المغرب من هيمنة القراءة الاستعمارية.