في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية والفكرية والفلسفية وتاريخ الفن والسيرة.
■ ■ ■
بترجمة نبيل الخشن، صدر مؤخراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" ضمن سلسلة "ترجمان" كتاب "الدول والثورات الاجتماعية" للباحثة الأميركية في علم الاجتماع ثيدا سكوكبول (1947). تقدّم المؤلّفة تحليلاً تاريخياً مقارناً لحالات ثلاث: الثورة الفرنسية من عام 1787 حتى أوائل القرن التاسع عشر، والثورة الروسية من عام 1917 حتى ثلاثينيات القرن العشرين، والثورة الصينية من عام 1911 حتى ستينيات القرن العشرين. وترى أنّ هذه الحالات متشابهة على الرغم من حدوثها على مدى قرن ونصف القرن، لأنّها كانت ثورات اجتماعية.
عن "المنشورات الجامعية الفرنسية"، صدر مؤخراً كتاب "في جذور الانهيار" للباحث الأسترالي غراهام ترنر، وهو عمل صدر أوّل مرة عام 2012. يدرس المؤلف مجموعة من القضايا، السياسية والبيئية والاجتماعية، مع إظهار السياسات المعتمدة في معالجتها، ومن هنا يشير إلى أنّ هذه السياسات تؤدّي إلى طرق مسدودة. يمثّل العمل محاولة استئناف لأطروحات ماركس في منتصف القرن التاسع عشر لكن مع إدماجها في قواعد الكتابة الأكاديمية، إذ لا يفضي كتاب ترنر إلى دعوة للثورة بل إلى انتهاج معالجات مختلفة للأزمات بما لا يؤدّي إلى انهيار حضاري.
ضمن سلسلة "حروف الفلسفة" (منشورات كلمة)، صدر مؤخراً كتاب "الفيلسوف والحدود: تأويليات اليومي" لـ محمد أبو هاشم محجوب. يكتب المؤلف في التقديم: "يعتمد كتابي تقنية لم يقع تجريبها كثيراً في مجال الكتابة الفلسفية، ولعله لا يمكن تجريبها إلّا في بعض اهتمامات الفلسفة، ومن بينها اليومي. سيراوح النص بين المعالجة الفلسفية المفهومية وبين إدراج نوافذ ضمن النص الفلسفي تتخيّر مقاطع من نصوص مختلفة (سردية أو شعرية أو مسرحية أو تشكيلية أو طبية). وسيكون الهدف من ذلك إعطاء الفرصة لفلسفة المعطى اليومي أي لتناوله ورفعه إلى المفهوم الفلسفي".
"الإسلام والسلطوية والتأخّر" عنوان كتاب صدر مؤخراً عن "الشبكة العربية للأبحاث" للباحث التركي الأميركي أحمد كورو بترجمة حبيبة حسن. يناقش المؤلف قضية "تخلّف" الحضارة الإسلامية وهي القضية التي كانت وراء انطلاق عصر النهضة العربية خلال القرن التاسع عشر، كما أنّها تتفرّع إلى إشكاليات أخرى تتعلّق بالاستبداد وتعطّل التنمية الاجتماعية والاقتصادية. يناقش المؤلف فرضيتين: الأولى هي أنّ بنى العالم الإسلامي تعيد إنتاج تخلّفه، والثانية تقول إنّ الهيمنة الغربية بوجوهها العسكرية والثقافية والاقتصادية هي سبب هذ التخلف.
أصدرت "دار الكتب الوطنية" في تونس مؤخراً طبعة جديدة من كتاب "الأزياء التقليدية النسائية في تونس" وهو عمل صدر في 1978، بالفرنسية. وقد شارك في كتابة مادته باحثات وباحثون من "مركز الفنون والتقاليد الشعبية" هم: عزيزة بن تنفوس، ونزيهة محجوب، وأندريه لويس، وسميرة ستهم، وكليمانس سوجيي، وعلي الزواري، وعلية بيرم. الطبعة الجديدة أتت مصحوبة بترجمة عربية أنجزها محمود الهميسي وسهيل الشملي، فيما قدّمت الكتاب رجاء بن سلامة وأشارت إلى مشروع "دار الكتب الوطنية" بإعادة طبع كتب نفذت نسخها ولا تزال ذات أهمية وراهنية.
"وداعًا لغابو ومرسيدس: مذكرات ابن غابرييل غارسيا ماركيز ومرسيدس بارشا" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً لرودريغو غارسيا عن "منشورات هاربرفيا". يضيء الكتاب على السنوات الأخيرة من حياة الروائي الكولومبي (1927 - 2014) وكيف قاوم الخرَف رفقة زوجته التي عاشت معه حوالي خمسين عاماً، وبدأت تحسّ حينها باقتراب النهاية وهي تستدعي ذكرياتها معه منذ تعارفهما وزواجهما وإحساسها الدائم بعدم الأمان كما نقلها الابن، في حياة كان يضبط غابو أدقّ تفاصيلها مؤمناً أنّ لكلّ إنسان حياة عامة، وأخرى خاصة، وأسراراً لا ينبغي أن يعرفها الناس.
يناقش الباحث والاقتصادي اللبناني جورج قرم في كتابه "المسألة الشرقية الجديدة" الذي صدر حديثاً عن "دار الفارابي" طموحات الغرب الاستعماري، الأوروبي، ثمّ الأميركي، في العالم العربي، ومكامن الضعف والتخلف القديمة والحديثة، والمتوالدة في هذه المجتمعات، حتى باتت تهدّد مصيرها. كما يتناول "الفوضى الذهنية" في رؤوس أصحاب القرار في أوروبا وفي أميركا وكذلك في وسائل الإعلام الغربية التي باتت تسيطر على الرأي العام العالمي وتعمل دوماً على شرعنة التدخلات العسكرية والاقتصادية والسياسية للغرب في العالم الثالث.
عن "دار خطوط وظلال" صدر مؤخراً كتاب "الفن والحرف الفنية لدى ابن خلدون... المدينة الخلدونية الفاضلة" للباحث العراقي شاكر لعيبي. يضيء الكتاب على كيفية تقديم ابن خلدون تصوّراً براغماتياً لمدينة فاضلة مكتملة قدرها النمو فالشيخوخة والموت، لكنّها مدينة مرسومة بخطوط سوداء وبيضاء تقريباً، وسكّانها لا يستطيعون إلّا القيام بحرفة واحدة، يعيشون ككائنات ثابتة وسلبية، ومستجيبين لشرطيْ الانحطاط أو الازدهار، من دون إرادة من طرفهم، ملبّين احتياجات خارجية لأنّهم تقريباً من دون احتياجات روحية بل محض عقلية، فالرفاهية هي انعكاس لازدهار براني.