في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الشعر والمسرح والفن التشكيلي والإنترنت والدراسات التاريخية والفلسفية والنقدية والثقافية.
■ ■ ■
في أوّل دراسة شاملة باللغة العربية حول الفيلسوف الفرنسي جان فرانسوا ليوتار (1924 - 1998) صدر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتاب الباحث المغربي السعيد لبيب بعنوان "جان فرانسوا ليوتار ونقد الفكر الشمولي" (580 صفحة). ويندرج العمل في سياق العثور على مناهج في التحليل والفلسفة تكون قادرة على استيعاب التيارات الفكرية ومواجهة النزعات المتطرّفة. وقد انقسمت الدراسة إلى ثلاثة مباحث: المعرفة، والأخلاق والسياسة، والفن والجماليات، لتشملَ بذلك الاشتغالات العامّة التي اهتمّ بها الفيلسوف خلال حياته.
صدر عن "منشورات روتليدج" في لندن، كتاب "الفاعلون والديناميكيات في المرحلة المتوسطة من الصراع السوري"، من تحرير أستاذي العلاقات الدولية البريطانيَّين جاسمين جاني ورايموند هاينبش. يُغطّي الكتاب الحرب في سورية منذ بداية المظاهر المُسلّحة في عام 2012، وحتى الوصول إلى ما يصفه الكتاب بالحرب المتجمّدة عام 2018. ويقارب الباحثان فشل الاحتجاجات السلمية في دفع العملية الديمقراطية، وتحوّلها باتجاه العنف ومن ثمّ الاستقطاب الحاد للقوى الاجتماعية، كما يتطرّق إلى نشوء اقتصاد الحرب، والنزوح الجماعي بسبب العنف الشديد.
عن "دار الفاصلة" في طنجة، صدرت حديثاً مسرحية مونودرامية بعنوان "دُنيا"، للشاعر والصحافي المغربي طه عدنان. يتألّف العمل من ثمانية عشر مشهداً يروي فيها المؤلّف سيرة دنيا، وهي شابّة من الجيل الثاني من المهاجرين المغاربة في بلجيكا، تواجه مسألة الهوية، وهي التي ترى نفسها مغربيةً "إلى حدّ ما"، وذات انتماء بلجيكي "تقريباً". يعالج العمل سيرة بطلته الوحيدة بدءاً من طفولتها "الصعبة، المجرّدة من العاطفة"، بحسب تعريف الناشر، وصولاً إلى حاضرها، بُعيد زواجها من رجلٍ لم يكن إلّا ذريعة للإفلات من سُلطة الأسرة.
صدر عن دار "ألبان ميشيل" الفرنسية، كتاب "تاريخ لسود أوروبا"، لأستاذة التاريخ في "جامعة بريستول" أوليفييت أوتيل. يُغطّي الكتاب مرحلة تمتدّ من العصور القديمة إلى اليوم، ويدلّل على أنّ حضور الأفارقة في أوروبّا يعود إلى العصور القديمة، وذلك من خلال شخصية القديس المصري موريس الذي تصوّره الأعمال الفنية كرجل أبيض. كما يقارب الكتاب بنظرة معمّقة العلاقة الشائكة بين السود والأوروبّيين، في محاولة لفك شيفرة التمييز الممتدة لألفي عام، وإلقاء الضوء على مسائل العنصرية والهوية، منذ القدم مروراً بعصر النهضة وحتى اليوم.
عن دار "صفحة سبعة"، وبتوقيع المترجم محمد الرحموني، صدرت النسخة العربية من كتاب "هل تحتاج المرأة المسلمة إلى إنقاذ؟" للباحثة الفلسطينية ـ الأميركية ليلى أبو لُغد. يتناول الكتاب بالتحليل والنقد ذلك "القلق" الذي تُظهره بعض الحركات النسوية الغربية بشأن النساء المُسلمات، والحاجة إلى "تدخّل" أوروبي وأميركي لـ"إنقاذهنّ". كما تحاجج الباحثة من خلال أبحاثها التي امتدّت لثلاثة عقود، في أن وضع المرأة المسلمة مركَّبٌ أكثر مما يعتقده الغربيّون، وأنّ المعجم المعياري الذي يستخدمونه لا يساعد في فهم ووصف حياة النساء.
"تملُّك الطبيعة: البيئة والمُلكية في التاريخ" عنوان لمؤلَّف جماعي، من تحرير الباحثَين فريديريك غرابير وفابيان لوشيه، صدر حديثاً بالفرنسية عن "منشورات أمستردام" في باريس. ينطلق الكتاب من إهمال النقاشات حول الإيكولوجيا والبيئة، منذ عقود، لصالح سؤال المُلكية، الذي يعتبره مؤلّفو الكتاب "مركزياً" باعتبار أن "أشكال المُلكية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً" بعلاقة الإنسان في الأرض. ويسعى العمل إلى الإضاءة على مختلف أشكال تملّك الطبيعة، ودوره في خلخلة النظام البيئي، وكذلك في عدد من الصراعات السياسية والجيو ـ سياسية.
صدر حديثاً، عن "دار الرافدين"، كتاب "خلَل بناء الدولة العراقية: القوى الخارجية والقبيلة والدين - نظرية الحداثة المفقودة"، للدبلوماسي العراقي السابق، محمد سعيد الشكرجي. يقترح المؤلّف إجاباتٍ على ظواهر شهدها العراق في الفترة الماضية: من تعثّر العملية الديمقراطية، ونشوء حركات إرهابية، إلى الدور الاجتماعي والسياسي للقبيلة، وكذلك المرجعيات الدينية. ويخلُص إلى نظرية يُسمّيها "الحداثة المفقودة"، يعود من خلالها إلى عملية بناء الدولة، و"ولادتها العسيرة" بإملاءات خارجية عام 1921، وما زال أثرُها قائماً إلى اليوم.
"رسالة في علم الكتابة والأحبار" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً ضمن "سلسلة التراث الحضاري" عن "الهيئة المصرية العامة" بتحقيق ودراسة أحمد جمعة عبد الحميد، وحسن علي عبيد، ويحيى زكريا السودة. الكتاب لمؤلّف مجهول عاش خلال الحكم العثماني، ويندرج في سياق الأدبيات التي تناولت علم المخطوطات، حيث يستعرض في ثمانية أبواب يستهلّها بالحديث عن فضل العِلم، ثمّ يفصّل صناعات عدد من الأحبار في ذلك العصر مثل المداد الأسود ومداد الزيت الحار، ويُفرد باباً لعلم الأحبار الملوّنة وأنواع الصباغات للورق التي استخدم فيها الذهب والفضة.
عن "منشورات وليام كولينز"، صدر كتاب "مجنون بشكسبير: من الفصل الدراسي إلى المسرح إلى غرفة الطوارئ" للناقد البريطاني جوناثان بيت. ناقش المؤلّف في كتب سابقة، تأثير المرض العقلي على الكُتّاب مثل فيرجينيا وولف وسيلفيا بلاث، فيتتبّع في كتابه هذا حوادث من سيرة الكاتب المسرحي الإنكليزي (1564 - 1616) أثرت عليه نفسياً وانعكست أيضاً في كتاباته ومنها موت أشقائه وشقيقاته، والحروب التي خاضتها إنكلترا في عصره، وأبرزها الحرب مع إسبانيا التي دامت نحو عشرين عاماً، ووقوعه في الحب، وفقدانه عقله في أواخر حياته بسبب الحمّى.
عن "منشورات المتوسط" و"دار السويدي للنشر والتوزيع"، صدر حديثاً كتاب "رحلة مكّة: من طهران إلى الحجاز عبوراً بالآستانة ومصر والشام". الكتابُ، الذي حاز "جائزة ابن بطوطة للترجمة" في دورة عام 2019، من تأليف السلطان القاجاري مراد ميرزا وترجمه عن الفارسية عبد الكريم جرادات. يُعدّ العمل أحد أبرز نصوص رحلات الحجّ المكتوبةِ باللغة الفارسية؛ حيثُ دوّن صاحبُه مشاهداته في رحلته الطويلة إلى الحج، والتي استمرّت تسعة أشهر بين آب/ أغسطس 1880 وأيار/ مايو 1881، وشملت كلّاً من إيران وروسيا وتركيا ومصر والحجاز والشام.
"نصوص المدينة الفاسدة" عنوان كتاب صدر حديثاً للكاتب العراقي علي عبد النبي الزيدي عن "منشورات اتحاد الأدباء والكتّاب" في بغداد. يضمُّ العمل نصوصاً مسرحية تتناول المدينة العراقية بعد ما حلّ بها من "خراب سياسي واقتصادي واجتماعي بسبب الدكتاتوريات المتواصلة بفعلها التدميري للإنسان والجغرافيا، والدكتاتوريات الجديدة التي صنعت الإرهاب والحروب وسواها وجعلت الإنسان في الداخل العراقي مأزوماً ومقموعاً ومقتولاً ". سبق أن أصدر الكاتب مجموعات مسرحية؛ من بينها "ثامن أيام الأسبوع" (2001)، و"عودة الرجل الذي لم يغب" (2005).