ضمن تيار فني برز في سبعينيات القرن الماضي، قدم الفنان الغاني إل إنتسوي (1944) أعمالاً تنتمي إلى فنون ما بعد الحداثة، لكنها تتبنى مضامين سياسية واجتماعية تشغل مجتمعات القارة السمراء اليوم، واستعار أيضاً إيدوجرامات (رموز) وزخارف مستمدّة من اللغات الأفريقية القديمة في أعمالهم الإنشائية المصنّعة من الخشب والمعدن والقماش بشكل أساسي.
وأتت أعماله غالباً على شكل تجهيزات كبيرة الحجم تحاكي الستائر والمعلقات الجدارية، كما نفّذ تركيبات مصنوعة من الزجاج والألمنيوم وغيرها من المواد التي يعيد تدويرها وحياكتها وتصميمها كمفروشات تحتوي مزيجاً من الألوان على قماش "كينتي" الذي كان يستخدمه شعب الإيوي في الغرب الأفريقي، خاصة غانا وبنين.
يُفتتح مساء الثلاثاء، العاشر من الشهر الجاري، في متحف "تيت مودرن" بلندن، معرض إل إنتسوي الذي يتواصل حتى الرابع عشر من نيسان/إبريل المقبل، ويضمّ أعمالاً تعود أفكارها الأولى إلى التسعينيات حين صنع منسوجاته من أغطية الزجاجات.
الفنان الذي يقيم في نيجيريا ويدرّس في جامعتها، يعتمد مفهوماً يتعلّق بالشكل غير الثابت في طرح مواضيع مختلفة تجمع بين التقاليد الجمالية الأفريقية والتاريخ العالمي للتجريد، ويستكشف من خلالها حركات إنهاء الاستعمار الأفريقية، وتاريخ الهجرة، إلى جانب أسئلة تتعلّق بالإنسان والوجود.
كما يعيد إل إنتسوي استعمال الأنظمة اللغوية التي عرفتها حضارات أفريقية عديدة تقوم على الرموز والصور وليس على الأبجديات، في توظيف مضاد لعملية التغيير الثقافي والاجتماعي الذي مارسها الاستعمار الأوروبي في جميع بلدان القارة السمراء.
أما الزجاجات التي يستخدمها في أعماله المعروضة، فهي تحيل إلى التجّار الأوروبيين الذين قدِموا إلى أفريقيا منذ القرن السادس عشر، حيث كانت تُجلب المشروبات الروحية من جزر الهند الغربية في الكاريبي لتباع للأفارقة الذين يُقاد أبناؤهم ليباعوا هناك، واستعمل أيضاً علب الحليب، والأخشاب الطافية، وعوارض السكك الحديدية، والمسامير الحديدية، وألواح الطباعة.
يشير بيان المنظّمين إلى أنه "بإعادة استخدام المواد التي تم العثور عليها وتحويلها إلى أعمال لافتة من الفن التجريدي، يستكشف عمل أناتسوي موضوعات تشمل البيئة والاستهلاك والتجارة"، وتعكس أيضاً قيم المجتمع الأفريقي وتحوّلاتها خلال القرون الماضية.