إلى D
كطفلةٍ تذرفين الدمع
وأنتِ بينَ خيوط المطر
وأنا لا أحمل معي مِقصًّا ومسامير
لكي أُرقّع بها
صَرخة العَتمة
كُنت سأجلي عنكِ الهموم
تحت الأرصفة المسقوفة
لبولونيا الثّمِلة
كنتُ سأغسِلُ لك الفجر
دون أن أفُوه لك بشيء
لكنّ ذراعيَّ كانتا آلةً
والكلِم شَظايا يابسة
في ثقب اليوم التالي.
■ ■ ■
خبّأتُ نجومًا وأسماء
في إحدى لَيالي نَيسان
وبينما الآخرُونَ يُمارِسون الحُبّ
تشتبكُ أيديهم وسيقانهم
كنت أنا أتبعك مثل كلبٍ
يتبعهُ ظِلّه
خبّأتُ الأينَ والكَيف
في بحرٍ واسعٍ لدرجَة أنّ بِوسعي
الطيران ما وراء منابت هذي الأرض
أَرضنا.
■ ■ ■
آهٍ وأنا أراكِ تَسقُطينَ
من على سرير المرض
بوجهكِ الشاحِب
وعينيكِ الزرقاوين
كأنّهُما مِياهٌ منك
في قَعر قدح.
كنتِ اليد والذراع
كنتِ صراع الحياة
التي حرمتكِ أباك
وأنا بعطشكِ ذلك
كنتُ أنظرُ الشّمس
وهي ترتقي السّماء.
■ ■ ■
على استحياءٍ تسألينني إذا ما كنتُ كَففتُ
عَن الاحتِفاظ بك مِثل أزهار الربيع البنفسَجية
وبوقاحةٍ تفُكّين عُقد شَعركِ
تُجفّفينه وتَنشُدينَ سقفًا وسريرًا وحُبًّا
لكنّكِ ما زلتِ تَجهلين
إِلماعَة الحبِّ المعلَّق
على الحبال الزرقاء لقُدّاس الموتى.
أشْعُر بِأنَّكِ قادِرةٌ
بِأنّ في بُرودك النار التي تحطّم
ولكنْ، ما هُو هذا الجسد الذي يستجيب
وما هذا المُكوثُ مع عَتمة الشّعْر
يا لهشاشتِنا، نحنُ الصُّدوع التي في الجِدار
صائدي الفراشات الزائفين
النابشين في مروج الليل.
■ ■ ■
كُنت ترْكُض ببَشرتكَ الداكنة
في الشمس
تُدلّي ساقَيك مِن على مُقدِّمة النافذة
كما الأطفال القادِمينَ مع المطَر
ولعلّكَ
لعلّكَ لم ترَ حتّى
أنني كنتُ أبسِم للزمن
وأنني كنتُ سأبتُرُ قَدميّ
مِن أجل أن أُحِبّكَ بلا هوادة.
ما زلتُ إلى الآن أشعُرُ
بسكّين اسمكَ مَكتوبًا
على الجُدران
وأشعُر بالأنفاسِ في شُقوق الصّخر
وبعطرِكَ الذي لا يَسمَحُ للتماثِيل
بأن تَصرُخ من بَردِ النهار.
لقد كُنّا أبناء سريرٍ
كَبُر وسط الهذيان
في أخدود الأرض
ذات رَبيعٍ خاوٍ
وأنا إلى الآن أخْبِطُ
عظامي فوق الزجاج
مِثل نَبْتات الأسَلِ في البِرَك
لا تَعلم أين تنتهي سرًّا
تلك الأشياء الجَميلة.
* ترجمة عن الإيطالية: كاصد محمد
بطاقة
Roberta Sireno شاعرة وناشطة ثقافية إيطالية، من مواليد مودِينا عام 1987. حاصلة على شهادة الماجستير من "جامعة بولونيا - كلّيّة الآداب والفلسفة"، وهي إحدى مؤسّسي مجموعة Compari الشبابية في مدينة بولونيا الإيطالية، وقد أسهمت هذه المجموعة في إثراء المشهد البولوني بشعراء جُدد، وبنشاطات ثقافية عديدة. تنشر سيرينو نصوصها ومقالاتها في مجلّات إيطالية مختلفة، وتتعاون مع جمعيات ومنظّمات ثقافية مختلفة. حازت جائزة Certamen الخاصة بـ"جامعة بولونيا". صدرت لها مجموعتان شعريّتان: "مَصنع الزجاج" (2011)، و"بلا نظام" (2016). النصوص التي نقدّمها هنا هي من مجموعتها الأولى "مصنع الزجاج".