إنْ كان من فعلٍ ارتبطَت به الثورات والانتفاضات العربية خلال العقد الماضي، فهو فعل الأرشفة؛ حيث تشكّلت طبقاتٌ منه باختلاف الوسائل الإعلامية الجديدة التي بدأت تظهر مع موجة التغيير الأولى عام 2011، حيث أُتيحت بين أيدي الجماهير المنتفِضَة نفسها.
وبناءً على كمّية هذه الوثائق التي رصَدت الكثير من مظاهر الاحتجاج وأرّخت له، أصبح السَّعي صوب حفظ الذاكرة من خلال الأرشفة ضرورةً مُلحّة كونه مدفوعاً بمواجهة ومقاومة الأنظمة الديكتاتورية، والمنظومات الاقتصادية والسياسية الفاسدة والقمعيّة التي هدفت إلى إخفاء وتشويه الواقع. بالمقابل، وجدت مجموعات من الأفراد والمبادرات نفسها تُعمِل الأرشيف كي تبقى الأصوات والقصص المُقصاة والمغايرة حيَّةً ومسموعة.
"الأرشيف كفعل مقاومة" عنوان اللقاء الذي ينتظم في مركز "IAC" ببرلين، عند السادسة من مساء السادس والعشرين من حزيران/ يونيو الجاري، والذي تنظّمه "شبكة فبراير"، وتشارك فيه مجموعة من الباحثات والباحثين والعاملين في الحقل الصحافي، وهم: أحمد غربية، وديانا عبّاني، وعمر الجفّال، وسنا يازجي، في حين تُدير اللقاء عُلا رمضان.
يطرح المشاركون عدّة أسئلة، في محاولة للنظر في السرديات التي حفظها الأرشيف، وماذا يعني أن نؤرشف اليوم عبر الشتات والمنافي، في ظلّ غياب "وطن"؟ وما الذي تستقي أثره أرشيفات ما بعد الثورة بخلاف الأرشيفات الأُخرى؟ وكيف تصوغ أدوات الأرشيف ذاتاً فردية أو جماعيّة حاضرة أو متخيّلة؟
كذلك يحتفي اللقاء المشترك بالذكرى السنوية العاشرة لمشروع "ذاكرة إبداعية للثورة السورية"، حيث سيتمّ عرض ملصقات وكتب صادرة عن المشروع، وتُعيد التذكير بمحطّات بارزة من سيرة الانتفاضة الشعبية، بعد مرور أكثر من 12 عاماً على بدايتها.