لم تمرّ سوى ثمانية أشهر على تعيينها وزيرةً للثقافة في تمّوز/ يوليو من العام الماضي، حتى وجدَت وفاء شعلال (1980) نفسها خارج الحكومة الجزائرية، بعد إقالتها أمس الخميس من منصبها، وتعيين صورية مُولُوجي خلفاً لها.
وربط متابعون الإقالة، التي تأتي قبل قرابة شهر من موعد تنظيم الدورة الخامسة والعشرين من "معرض الجزائر الدولي للكتاب"، بتصريحات أدلت بها شعلال لقناة مصرية خاصّة، واعتُبرت مناقضةً للخطاب الرسمي؛ حيث قالت الوزيرةُ، في معرض إجابتها عن سؤال حول تأثُّر المقروئية بجائحة كورونا إنّ "المقروئية في مصر أو الجزائر تأثّرت بالوباء، وبالأزمات الاقتصادية؛ فالقارئ لا يستطيع شراء الكتاب الذي لم يعُد مِن أولويات المواطن المصري أو الجزائري في ظلّ التحوُّلات الاقتصادية والغلاء المعيشي"، مضيفةً أنّ "اقتناء الكتاب بات حكراً على طبقة بعينها، بينما ينشغل المواطن البسيط بتأمين احتياجاته اليومية".
كما اعترفت الوزيرةُ المقالة بعدم قدرة المؤسّسات الرسمية على صناعة "محتوى في مستوى تطلُّعات شبابنا ويجاري التطوُّرات الحاصلة في العالَم". على أنَّ أكثر ما أثار جدلاً على مواقع التواصُل الاجتماعي هو قولها: "نحنُ نفكّر بالفرنسية ونُعبّر بالعربية"، في معرض تبريرها عدم قدرتها على التحدُّث باللغة العربية بسلاسة.
وكانت وفاء شعلال تتحدّث لقناة مصرية خاصّة من القاهرة التي زارتها ضمن وفدٍ رافق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون في زيارةٍ قادته إلى مصر في الرابع والعشرين والخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي، وتزامنت مع فعاليات الدورة الثالثة والخمسين من "معرض القاهرة الدولي للكتاب".
يُؤخذ على شعلال عدم اقتراحها مشاريع للنهوض بالقطاع الثقافي الراكد
وخلال الأشهر الثمانية التي قضتها في "قصر العناصر" (مبنى وزارة الثقافة) في الجزائر العاصمة، غلبت الأنشطة الرسمية والفولكلورية على تحرُّكات الوزيرة السابقة التي يأخذ عليها فاعلون في المشهد الثقافي عدم مبادرتها إلى اقتراح مشاريع للنهوض بالقطاع الذي يعيش ركوداً مستمرّاً منذ أكثر من سنتَين بسبب الوباء، وأيضاً تجميدها مشاريع "إصلاحات" للقطاعات الثقافية، كانت قد اقتُرحت في فترة سابقتها مليكة بن دودة.
لم تكُن شعلال، الحاصلةُ على دكتوراه في علوم البيولوجيا، معروفةً في المشهد الثقافي قبل تولّيها الوزارة التي قدمت إليها من "التجمُّع الوطني الديمقراطي" - الذي يُوصف بأنّه ثاني أحزاب السلطة - والذي كانت نائبةً برلمانية عنه بين 2017 و2021.
وتحمل الوزيرة الجديدة، صورية مولوجي، شهادة دكتوراه في الترجمة والأنثربولوجيا، وتعمل باحثةً في "المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية" بوهران، والذي شغلت عدّة مناصب فيه، قبل أن تُكلّف في أيلول/ سبتمبر الماضي بإدارته بالنيابة.
ويأتي تعيين مولجي استمراراً لما بات يُشبه تقليداً في العقد الأخير، يتمثّل في إسناد وزارة الثقافة إلى امرأة؛ حيثُ تولّت الوزارةَ ستُّ نساء منذ 2002؛ هنّ المناضلة السابقة في "التجمُّع من أجل الثقافة والديمقراطية" خليدة تومي، والأكاديمية والمخرجة السينمائية نادية لعبيدي، والناشرة مريم مرداسي، وأستاذة الفلسفة مليكة بن دودة، إضافة إلى وفاء شعلال وصورية مولوجي.