الزّهرُ الذي تدلّى من أعناق الأشجار
زهرُنا
والعبَقُ الذي لفّته بلابل الوَجْد
أكاليلَ عبادة
للمعشوقة شامخة الهامة
كَنُوتات قيثارة حبلى
بحكايات تلال الغار والزَّيتون
عبَقُ أرضنا
...
رأيت ظلالاً تدنو
على صفحة الماء المُتوتِّرة
كأنّ أساورَ من حديد تعصِرها
اهتز نخيلُ البحر
وطلعُه المجيد
قلتُ للظلال السّابحة خِلسَةً "هذه أرضُنا"
كانت وجوهاً بلا ملامح
تلتصق بضباب الماء
تشمُّ ملح البحر
تُفتش عن طريق لِمِلاحة الغدر
وسال البحر بعد مرورها من مزاريب تُطوِّق الأفق الرمادي الصامت
قلت لهم رافعاً صوتي: "هذه الثِّمارُ لنا
وأنفاسُ الأرض
وتلالها وهضابها وغناؤها ونبض فؤادها الدافئ..."
"هل شممتم شذا تربتنا وتاريخنا؟"
"أرى أنوفكم الكبيرة تقترب..."
"أيها الأغراب ماذا تبغون؟"
التحفنا سماءنا لمّا أرسلوا كلابهم
وضعوا وحوشهم المُجنزرة عند أبواب المدينة، فوق حاجِبيْ الشمس وعَلَّقوا أُخرى في أهداب السّحاب
كانت وجوهاً بلا ملامح
أنوفُهم الكبيرة تلتهمُ سَحناتهم المظلمة
تدفّقت حكايتهم المُركَّبة من مُكعَّبات السَّحَرة لِتلفحَ وجوهنا ناراً وإفكاً
أَخفيْنا أرضَ أجدادنا داخلنا
أَخْفَتْنا أرضُ أجدادنا في رَحِمِها
وكُنَّا نُردِّد كُلَّما ثمِلت كلابُهم بِهَوَس الأسطورة
أنشودةَ الحياة
أنشودةَ الأرض التي تَحْيَا فينا
كانت السّماء تَهْمي علينا موّالَ البَرَكات
وكانت الملائكة تفتح الكتاب لينهمر سؤالُ البداية
هل هو إنسانٌ... هذا الذي جاء ليسرق ويقتل؟
بعد القصف الأخير
أصاب الحزنُ ملائكةَ السّماء
فكان ما خطّته أيديهم في رسالتهم لله: "يا ربّ قد أظلمت الأرض... يا ربّ هل هذا الذي يَقتل الأطفالَ والنساءَ والشيوخَ إنسانٌ؟"
"يا ربّ... هل هذا الذي يهدم البيوت الآمنةَ إنسانٌ؟"
وغنّى كَرَوانٌ من سماء بعيدة:
صوت الحقِّ صادح
صادح...
* شاعرة ومترجمة من الجزائر