"الشعر النسائي المغربي المعاصر" محاولة نقدية

12 ديسمبر 2020
الشعيبية طلال/ المغرب
+ الخط -

ليست هناك دراسات كثيرة عن التجارب الشعرية التي تكتبها النساء في المغرب، وقلما نجد قراءة سوسيوأدبية لهذه التجارب المرتبطة بنحو كبير بالتجربة الجمعية الاجتماعية والسياسية والثقافية وبالجندر، بقدر ما هي مرتبطة أيضاً بالتجارب الفردية لصاحباتها، وكيف تأثرن بالمكان من حيث إن المغرب بلد متنوع على أكثر من صعيد. 

كذلك تلزم دراسة تقرأ التحولات الشعرية، وأبرز الأسماء التي دفعت باتجاه التغيير في بنية القصيدة التي تكتبها المرأة وربما موضوعاتها أيضاً. 

من أبرز التجارب المغربية التي عُرفت عربياً، مليكة العاصمي، صاحبة ديوان "شيء له أسماء"، والتي تميز شعرها بطابعه السياسي العروبي. وكذلك الشاعرات وفاء العمراني، ووداد بنموسى وسعاد الطود وأمل الأخضر وثريا السقّاط، وثريا ماجدولين، وابتسام أشروي. 

هناك أيضاً الشاعرة عائشة البصري وفاطمة الزهراء بنّيس ورجاء الطالبي، واليوم ثمة شاعرات مغربيات يكتبن بالأمازيغية والفرنسية والإسبانية، وقد يكون هذا واحداً من أبرز تحديات دراسة تجارب المرأة المغربية في كتابة الشعر. 

غلاف الكتاب

في هذا الإطار، يأتي كتاب "الشعر النسائي المغربي المعاصر"، لمؤلفه الباحث الأكاديمي سعيد يفلح العمراني، الصادر حديثاً عن دار "الفكر المغربي"، وهي أطروحة حاز عنها درجة الدكتوراه من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان.

الكتاب النقدي يأخذ الشاعرة أمينة المريني نموذجاً لدراسة القصيدة النسائية المعاصرة في المغرب، وقد اشتغل عليه الباحث لأربع سنوات، ويأتي في ثلاثة أجزاء في كل منها عشرة مباحث، حيث خصص الباحث الجزء الأول منه لتقديم الشعر المغربي المعاصر والتجربة الشعرية النسائية المعاصرة.

أما الفصل الثاني، فتناول الازدواجية الفنية عند الشاعرة أمينة المريني، وهو فصل ضخم يسلط الضوء علی التجربة الشعرية "الموسومة بالاتباع والابتداع، أي اتباع النمط الشعري الخليلي بحفاظها علی مقومات القصيدة الجاهلية، وابتداع فن التعبير الشعري بانفتاحه علی الحداثة وهدم البناء الهيكلي للقصيدة دون تجاوزها لما بعد الحداثة من التشظيات"، بحسب تقديم الكاتب. 

هل من الممكن اعتبار تجربة المريني الخاصة، من حيث أنها تكتب الشعر بشكله التقليدي، ومواضيعها صوفية غالباً، نموذجاً وحدها لدراسة شعر المرأة المغربية؟

وجاء الفصل الثالث من عمل العمراني، الذي يصدر له قريباً كتاب "الجسد في محاورة الذات الأنثوية"، ليتناول التجربة الشعرية الصوفية عند المريني، واقد عتبر الباحث أنها "استحقت لقب الريادة في هذا اللون الشعري".

يذكر أن المريني ولدت في فاس عام 1955، وصدرت لها المجموعات الشعرية "ورود من زناتة"، و"حسرة في ظلال الكلام"، و"سآتيك فرداً"، و"مكاشفات"، و"مكابدات"، و"منها تتفجر الازهار"، لكن السؤال هو إن كان من الممكن اعتبار تجربة المريني الخاصة، من حيث إنها تكتب الشعر بشكله التقليدي، ومواضيعها صوفية غالباً، كنموذج لدراسة شعر المرأة المغربية، فالشاعرات المغربيات يكتبن قصائد التفعيلة والنثر والقصيدة اليومية وقد تشعبت التجارب بحيث يبدو عنوان الكتاب أكبر بكثير من تجربة شاعرة واحدة، فلا يمكن أن تعد أي تجربة، مهما كانت، نموذجاً يجسد الغابة بأكملها. 

 

المساهمون