تُصدَّر رحلة ابن بطوطة في التراث العربي بوصفها منجزاً مُهمّاً في أدب الرحلات؛ وهي إلى اليوم مصدرٌ يُرجَع إليه، ويُنظَر إلى ما فيه من تداخل أجناسي بين الحكاية واللّغة والسيرة الذاتية.
وفي محاولة لتوسيع مُدركات هذا النص، وتوجيهه إلى شريحة عُمرية أصغر، وهي أكثر ما تنجذب إلى الخيال، صدرت مؤخّراً عن "مطبعة بلال" في فاس، طبعةٌ جديدة منقّحة من أسفار الرحّالة المغربي ابن بطوطة بعنوان " تحفة النظار لأولادي وأحفادي الصغار" أعدّها واشتغل عليها الكاتب المتخصّص بأدب الطفل والناشئة العربي بنجلّون (1947).
يُلخّص الكاتب الرحلة الشهيرة التي امتدّت قرابة سبعة وعشرين عاماً، إذ ضمّها الكتاب الشهير "تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار". كما يبدو أنّ تكثيفاً للأفكار والاساليب قد تجلّى في نقل عملٍ مكوّنٍ من 600 صفحة بنسخته الأصلية إلى أن يستوي في 50 صفحةً فقط، بمعنى أنّ العملية قد تطلّبت تمعُّناً وانتقاء لما يتلاءَم مع متطلّبات هذه الفئة العمرية، فإثارة فضولها المعرفي والإنشائي - كما هو معروف - عمليةٌ صعبةٌ في ظلّ تنامي وسائل التواصل وجاذبيّتها.
يعتمد بنجلّون في عمله على تقنية الخيال المُتبادل، فأبطالُ عوالمه العجيبة يتوزّعون الأدوار. فمن جهة يحضر ثلاثة أطفال يقرّرون ذات يوم رسمَ ابن بطوطة الذي بدوره سرعان ما ينتقل إلى العالم الحقيقي. وهو إذ يُشاركهم قصصه إلّا أنّهم يُتيحون له من خلال "الإنترنت" أن يُوصل ما لديه إلى مجموعة أوسع من الناس. وهذا ما يؤسّس لدى الطفل حسّ التفكير بأهميّة الخيال وأسبقيّته على منجزات الإنسان العِلمية.
تحتوي الطبعة الجديدة على اثنتي عشرة قصّة: "الصديق الحالم" و"اللوحة العجيبة" و"الأمنية تتحقّق" و"بداية الرحلة" و"حكايات طريفة" و"سلوكات حسنة" و"ابن بطوطة المغامر" و"غرائب وعجائب" و"عالم مدهش" و"مشاهد من الصين" و"حال الصينيين" و"ابن بطوطة الغائب الحاضر".
يُشار إلى أنّ العربي بنجلّون من أبرز الكُتّاب المغربيين المتخصّصين بأدب الطفل، إذ أسّس "صحيفة الطفل" عام 1971، وله مؤلّفات عدّة في هذا المجال منها: "أدب الطفل في المغرب" (1985) و"قصص طريفة للأطفال" و"أنغام الطفولة" (1987) وغيرها.