تُواجه الموسيقى الشاوية التي تنتشر في جبال الأوراس شمال شرق الجزائر، تراجُعاً في كتابة نصوص أغانيها في الوقت الراهن، قياساً للمحفوظات الشعبية منها خلال مئات السنين، رغم أنّ الكلمة تُشكّل عنصراً أساسياً على اختلاف أنواعها والمواضيع التي تتناولها.
كما أنّ هناك تفاوتاً في وجهات النظر حول محاولات عصرنة موسيقى تُمثّل مزيجاً من الموسيقى والإيقاعات الصحراوية، عبر عزفها على آلات حديثة بدلاً من تلك الآلات التقليدية التي ما زال يُحافظ عليها بعضُ الفنّانين، وتحديداً "القصبة" و"البندير".
في سعيٍ لتوثيق هذا الفنّ، افتُتح معرض "الموسيقى أصالة وتاريخ" على هامش الدورة الحادية عشرة من "المهرجان الثقافي المحلي للموسيقى والأغنية الشاوية" التي انطلقت مساء أول أمس السبت في "دار الثقافة/ علي السوايحي" بمدينة خنشلة (520 كلم جنوب شرق الجزائر العاصمة) وتتواصل حتى غدٍ الثلاثاء.
يضمّ المعرض مختلف الآلات الموسيقية والمؤلفات والأسطوانات، لفنّانين تركوا بصمتهم في تاريخ الأغنية والموسيقى الشاوية من أمثال عيسى الجرموني (1885 - 1946)، والشيخ بورقعة (1918 - 1979)، وبقار حدة (1920 - 2000)، وكاتشو (1963 - 2009)، وغيرهم.
التظاهرة التي تقام تحت شعار "الأغنية الشاوية.. رسالة الأجداد"، تُحافظ على تنظيم ملتقىً عِلمي يُناقش في هذه الدورة موضوعة "امتداد الأغنية الشاوية من الطابع الفلكلوري إلى العصري"، ويتضمّن عدّة مداخلات هي: "الأغنية الشاوية.. قصة إبداع لا سقف له"، و"الشعر الغنائي الشاوي.. تاريخه وتركيبته وأهمّ المجالات التي يتناوله (دراسة تحليلية وصفية)"، و"كرونولوجيا الأغنية الشاوية: فكر وحضارة وانتماء".
كما تعقد ورشة بعنوان "الشعر الشاوي بين مواضيع الماضي ومحاولات التجديد: تطبيقات حول كيفية تحديث ثقافة الشعر وعصرنتها" يُديرها طارق مباركي، وأُخرى بعنوان "الآلة الموسيقية: القصبة الشاوية الدرامية، والاحتفالية" ويقدّمها كابة مختار.
وشهد حفل الافتتاح عرض عمل فنّي كوريغرافي بعنوان "ايزوران" (الجذور)، من إخراج طارق عشبة، كما كرّم المنظّمون ثلاثة فنّانين، هم: عبد الحميد بوزاهر، وجمعي حقاص، ونصر الدين حرة. وتشارك في هذا العام مجموعة من الفِرق، منها "فرقة الأمل الفولكلورية"، و"الرحابة لجمعية إحياء الثقافة الأوراسية"، و"فرقة أم البواقي"، إلى جانب الفنّانين: لغماسي عاشور، وجميلة العنابية، وحكيم حلاقة، وحليم شيبة، وعادل بلادح، وحمودي جغلال.