شكّلت بغداد في مسيرة الروائي والمترجِم والتشكيلي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبراً (1920 - 1994)، أكثر من كونها مجرّد مستقرّ عاش فيه بعد نكبة فلسطين عام 1948. إذ يُمكن الحديث عن تمثيل حقيقي لثنائية المدينة والكاتب بينهما، حيثُ الحدُّ الأوّل عبارة عن فضاء معرفي، خاصة بزمن كانت فيه بغداد تعيش لحظة أدبية مُزدهرة، والحدّ الثاني هو مثقّف شامل تفاعَل مع هذا المحيط وصار أهمّ روّاده.
يوم الأربعاء الماضي (30 تشرين الثاني/ نوفمبر)، أُقيمت في "قاعة قرطبة" بالعاصمة العراقية تظاهرة "بغداد تُترجِم"، والتي نظّمتها "دار المأمون" للاحتفاء بروّاد الثقافة العراقية.
وقد اتّخذت دورة هذا العام من صاحب "البحث عن وليد مسعود" (1978)، عنواناً لها؛ في مواءمةٍ بين اسمين، أي بغداد وجبرا، لطالما ارتبطا ببعضهما طويلاً.
وشهد الاحتفالية إقامة مؤتمر للترجمة بعنوان "استراتيجيات الترجمة والنشر: آفاق التخطيط الحالي والمستقبلي". كما أعلنت "المأمون"، في السياق ذاته، عن إصدار كتاب جديد حمل عنوان "جبرا إبراهيم جبرا: أديباً وفنّاناً".
يتألّف العمل من مجموعة مقالات وقّعها كُتّاب عراقيّون، تناولوا فيها أهم إسهامات جبرا في الرواية والنقد، إلى جانب تسليط الضوء على أبرز محطّات حياته، والتي تُعدُّ، لما فيها من مواكبة لأحداث سياسية واجتماعية، شهادةً على واقع الأدب العربي خلال القرن العشرين، وليس الفلسطيني فقط.
الجدير بالذكر أنّ التظاهرة لن تقتصر على هذا الإصدار التوثيقي (204 صفحة)، إذ من المقرّر أن تقوم دار "المأمون" بإعادة طبع مختارات من أعمال جبرا، سواء ممّا وقّعه من ترجمات عن الإنكليزية، سبق أن صدرت عن الدار نفسها عام 1986، مثل مسرحيات شكسبير الأشهر "هاملت"، و"عطيل"، و"الملك لير"، أو كتاباته الروائية بالعربية.