"بين الواقعية والتجريد": حوار بصري بين ثلاث تجارب عربية

27 أكتوبر 2024
جزء من لوحة لـ وليد عبيد (من المعرض)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يُقام معرض "3×1 بين الواقعية والتجريد/ تكامُل" في "غاليري بنك القاهرة عمّان" بالتعاون مع "غاليري المرخية" في الدوحة، ويهدف إلى خلق حوار بصري بين أساليب فنية متباينة تجمع بين الواقعية والتجريد.
- يشارك في المعرض الفنانون سلمان المالك، محمد الجالوس، ووليد عبيد، حيث يستلهم المالك من البحر والصحراء، ويركز الجالوس على الوجوه، بينما يقدم عبيد واقعية مستلهمة من السينما.
- يُعتبر المعرض جزءاً ثانياً من معرض "أبعد من المسافة" الذي أُقيم في الدوحة عام 2022، ويعكس استمرارية التعاون الفني بين العواصم العربية.

محاولةُ للتصالح بين أساليب تعبيرية متباينة، يُقدّمها ثلاثة فنّانين عرب في معرض "3×1 بين الواقعية والتجريد/ تكامُل"، الذي افتتح في الخامس عشر من الشهر الجاري في "غاليري بنك القاهرة عمّان" بالعاصمة الأردنية، ويتواصل حتى منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

المعرض، الذي يُنظَّم بالتعاون مع "غاليري المرخية" في الدوحة، يضمّ أعمالاً لكلّ من الفنّانِين القطري سلمان المالك (1958)، والأردني الفلسطيني محمّد الجالوس (1960)، والمصري وليد عبيد (1973)، تُنشئ حواراً بصرياً بين تجارب تختلف في ما بينها أسلوبياً وتقنياً، ما ينعكس بالضرورة على موضوع كلّ منها ورؤية صاحبها.

جزءٌ ثانٍ من معرض "أبعد من المسافة" الذي أُقيم في الدوحة عام 2022

تنبعث تجربة سلمان المالك من مفردات وعلامات تتحرّك في مكانها، ليأخذها من الواقع إلى متخيّل يعتمد قوّة وجرأة في التعامل مع اللون، سواء الأسود الذي يهيمن على معظم أعماله المعروضة مع مساحات رمادية وبيضاء، أو حينما يمتزج السواد بألوان زاهية خضراء وزرقاء وحمراء، في نزوع تجريدي يعود إلى ثنائية البحر والصحراء في بلده قطر.

محمد الجالوس - القسم الثقافي
عمل لـ محمد الجالوس (من المعرض)

تجريدات تستحضر الإنسان في مرايا محيطه بما تعكسه من تفاصيل متعدّدة تؤثّث العمل، من منسوجة من شخصيات حيّة، وتطاريز وزخارف أزياء تقليدية كالعباءة، ومشاهد تنتمي إلى الحياة اليومية أو الطبيعة، بحيث تبدو رموزاً وإشارات لا صلة بينها، لكنّها يمكن أن تصوغ عوالم يراها كلّ متلقٍّ بحسب منظوره الخاص.

أمّا محمّد الجالوس، فلديه خصوصية مغايرة في مقاربة المكان الذي يتراكم في طيّات ذاكرته، تتداخل فيه عناصر مادية محسوسة لطالما عبّر عنها في معارض سابقة صوّرت معمار المدينة/ المدن التي يهواها، وعناصر أُخرى جوّانية روحانية تشير إلى تلك العلاقة الحميمة والسرّية مع الأمكنة.

سلمان المالك - القسم الثقافي
عمل لـ سلمان المالك (من المعرض)

ويستعير في هذا المعرض الوجوه كمفردة تشكيلية أساسية في أعماله، لكنّه يمنحها دلالات عدّة، سواء من الناحية الجمالية في تكوين الوجوه وإبراز ملامحها وحالاتها النفسية، أو من الناحية التعبيرية، حيث ترتبط وجوهه بأزمنة قديمة لا يزال أثرها ممتدّاً حتى اللحظة، وهي تُطلّ بتعابيرها الغامضة والصارمة رغم أنّها ابتعدت عن شكلها الواقعي وانزاحت إلى خانة التجريد. كما يقدّم الجالوس مجموعة جديدة بعنوان "إنّهم ليسوا أرقاماً"، تحيل إلى المجزرة الصهيونية المستمرّة في غزّة منذ أكثر من عام.

في تجربة وليد عبيد، نحن إزاء واقعية أكثر وضوحاً مع شخصياته التي تظهر كأنّها جزءٌ من مشهد سينمائي بكلّ ما يمنحه من إثارة وجاذبية، غير أنّه يصوّرهاً غالباً في واحدة من حالاتها السرّية، تتصرّف على عفويتها وربما تقوم بسلوك وتصرُّف تفعله أمام الناس، أو أنّها لقطة مسروقة لشخصيات في لحظة دهشة وذهول وغياب عن الواقع.

وليد عبيد - القسم الثقافي
لوحة لـ وليد عبيد (من المعرض)

رسم عبيد في أعمال سابقة بورتريهات لفنّانات مثل أمّ كلثوم وياسمين الخطيب. وفي هذا المعرض، يختار المطربة اللبنانية فيروز، لكنّه يصوّرها في هيئة غرائبية إلى حدّ ما، إذ تضع تاجاً ذهبياً على رأسها وتُمسك بيدها ناياً يقف على طرفه طائر، وترتدي ثوباً أخضر بلون الصخرة التي تجلس فوقها ويحطّ إلى جوارها طائران آخران، أمام قمر مكتمل أشبه في تشكّله بشرائط بيضاء ملتفّة، وفي عمق اللوحة تظهر قبّة الصخرة وسور القدس؛ منظر أسطوري يستدعي صورة المدينة المقدّسة في أغنيات الفنّانة.

ونشر الفنانون الثلاثة "مانفيستو" لمعرضهم، ورد فيه: "هذه التجربة الثلاثية التي قد تبدو متناقضةً من حيث انتماؤها لعالمَين أحدهما انعكاس ضمني للآخر، هي في عمق البحث الشكلاني، إذا ما رصدنا روح التجريد وأعدناه إلى مرجعه الأمّ، الطبيعة. فالأشكال المرئية بهيئتها يمكننا الآن تفصيلها وفكفكتها إلى أجزاء صغيرة يمكن أن نطلق عليها فنّاً 'مجرَّداً' رغم ابتعادها المؤقّت عن صيرورتها، شكلها المرئي الكلّي، فالمجرَّد هنا هو ذاته الطبيعي الواقعي، ولكن بعباءة الزاهد المختزل المعبّر ربما عن روح الشكل وضميره المستتر".

يُذكَر أنّ المعرض يُشكّل جزءاً ثانياً من معرض أُقيم عام 2022 في "مطافئ: مقر الفنّانين" بالدوحة تحت عنوان "أبعد من المسافة: وصل" بتنظيم من "غاليري المرخية، وبمشاركة سلمان المالك ومحمّد الجالوس، بالإضافة إلى الفنّان العراقي قاسم الساعدي، وتنقّل المعرض بين ثلاث عواصم.
 

المساهمون