عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر حديثًا العدد الرابع والأربعون (ربيع 2023) من الدورية المحكّمة "تبيُّن" للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية، وضمّ موادَّ حول الفلسفة واللاهوت وابن تيمية، إلى جانب مراجعات الكتب والترجمات.
"تحولات الخطاب الإنسانوي: من الإنسانوية إلى ما بعدها" عنوان دراسة منوبي غباش، التي تسعى إلى تحديد قيمة الإنسانوية (النزعة الإنسانية) من خلال إعادة النظر في تحولات الخطاب الإنسانوي، والرهان من وراء التفكير في صياغات سؤال الإنسان والأجوبة المُتباينة التي قُدمت عنه هو التأكيد على أهمية أنثروبولوجيا فلسفية من شأنها الاضطلاع بالمشكلات التي تطرحها فلسفة ما بعد الإنسانوية في صيغها المختلفة.
وفي دراسته "الفضاء العمومي وسؤال الحرية جدل هابرماس وهونيث وفريزر"، لا يحاول محمد العربي العياري تقديم مقارنة أو مُفاضلة بين المقاربات الثلاث؛ هابرماس وهونيث وفريزر، بقدر ما نستعرض تطوُّر مفهوم الاعتراف نسقيًّا، وتحولات الفضاء العمومي في ظل بروز حركات اجتماعية جديدة، وفاعلين جُدد يتشاركون الفضاء العمومي ومطلب الحرية.
أما دراسة "الفلسفة واللاهوت: صيرورة الفلسفة من خادمة اللاهوت إلى تفكيك أنساقه" لمحمد إشو، فتهدف إلى تبيان قضية مفادها أن الفلسفة في الأزمنة الوسيطة، رغم كونها عملت خادمةً للحقيقة اللاهوتية، فإن هذه الخدمة لم يكن يطبعها الخنوع التام والطاعة الكاملة لأوامر اللاهوت. فقد كانت دومًا تتخذ القرارات بنفسها، وكان لها مكنة وقوة بارزتان على الاقتراح، فإليها يرجع الفضل في التنشئة العقلانية الرصينة التي حملها الكثير من علماء اللاهوت في تلك الأزمنة. لكن مع ذلك، كانت الفلسفة مضطرة، بصورة أو بأخرى، إلى اتخاذ وضعية "انتحال صفة الخادمة"، حتى يتسنى لها الاندماج في سيرورة المعرفة البشرية التي أصبحت ترتحل إلى الأديرة، بفعل انهيار الإمبراطورية الرومانية.
"المشاركة المتكافئة: الثقل المعياري للسياسة عند نانسي فريزر" عنوان دراسة عماد الجميعي التي تسعى إلى بيان فكرة العدالة عند نانسي فريزر التي تؤلف بين مطلب الاعتراف الذي ينتمي إلى السجل الرمزي والثقافي ومطلب إعادة التوزيع الذي يشتغل داخل المجال الاقتصادي المادي، بينما يوضّح عدنان فلّاحي في دراسته "ابن تيمية ضد ابن تيمية: الاستراتيجية الصانعة للتناقض" كيف أن الاستراتيجيات التي استخدمها ضد خصومها، كانت أيضاً ضده هو نفسه في بعض الأحيان، وتجعل بعض أسسه الفكرية عالقًا في التناقضات.
وتضمّن العدد أيضًا ترجمةً لدراسة رونالد بونتيكو بعنوان "براغماتية ريتشارد رورتي والسعي إلى الحقيقة"، نقلها إلى العربية فلاح رحيم.
وجاء في باب "مراجعات الكتب"، مراجعة لكتاب "الثَّقَافَةُ بالجَمْع: سياسات ثقافيَّة جديدة" لميشال دو سارتو، أعدّها محمّد أمين بن جيلالي، ومراجعة ثانية لكتاب "الإيديولوجية الموحدية: جدل الدين والسلطة في الغرب الإسلامي" للبنى الورطيطي، أعدّها يحيى بولحية.